محمود جابر
بعد أن
انتهينا من الحديث عن محمد بن عبد الوهاب، ثم ابن تيمية الذى جاء بكل غريب وشاذ وقد أجمع أهل زمانه من
العلماء بانحرافه وزيغه فها من العجب أن يموت في محبسه بسجن قلعة دمشق في الثاني
عشر من ذي القعدة سنة 728هـ ، غير مأسوف عليه
.
الثاني : ابن القيم الجوزية :
هو محمد بلن
أبى بكر الزرعى ، المعروف بابن قيم الجوزية ، ولد – على الأرجح – سنة 691هـ ، وقد
لازم شيخه ابن تيمية في درسه وفى سجنه بعد أن حكم علماء المسلمين بزيغهما ، غير أن
صحبة الدرس والسجن لم تشفع له أن يكون في مقام شيخه عند النوم أو في دار الآخرة فقد روى عن ابن
القيم قوله : رأى قبل موته شيخه تقى الدين – أي ابن تيمية – في النوم ، وسأله عن
منزلته فأشار الى علوها فوق الأكابر ، ثم قال له وأنت كدت تلحق بنا ، ولكن أنت
الآن في طبقة ابن خزيمة .(!!).[1]
أما قضية
سجنه هو الآخر في جزء من العلم الذي كان يدعيه والذي سطره في كتابه كدليل على زيغه
وانحرافه الكتاب يدعى (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ) نادى فيه بأن
الحكمة تقتضى أن لا يعذب الله أحدا عذابا أبديا في النار فهذا يتنافى مع رحمة الله
– على حد زعمه - وبناء عليه فإنه يرى أن
كل من في النار سيخرج منها الى الجنة ، وستفنى النار بعد ذلك ، وبهذا يكون إبليس
اللعين وفرعون وهامان وقارون وأبى جهل وأبى بن خلف وجميع الذين حاربوا الله ورسله في
الجنة مع الصديقين والشهداء (!!).
يمهد ابن
القيم في هذا الكتاب لنظريته المدعاة
بقوله ( كم من بلاء جلب عافية ، وكم من ذل جلب عزا ، وكسر جلب جبرا ، إذا
اعتبرت أكثر الخيرات والمسرات واللذات وجدتها إنما ترتبت على الآلام والمشاق ،
وأعظم اللذة وأجلها ما كان سببه أعظمه ألما ومشقة) [2]، و لو كان الكلام
عن المشقة في الدنيا وفقط لكن كلاما عظيما ، بيد انه يتكلم عن تحمل العذاب في الآخرة ويبحث في الحجج لإخراج المشركين من النار فيحتج
بأن في قلوبهم أكثر من مثقال الذرة من الإيمان فهم (لئن سألتهم من خلق السموات والأرض
ليقولون الله ) ، وبناء عليه سيخرجون من النار الى الجنة (!!)، فهو يقول بعد ذلك (
فان النار إنما سعرها الشرك والظلم فلا يمتنع في الرحمة والعدل أن يطفئها ويذهبها
بعد أن أخذ الحق منهم )[3] ، وأي عدل يتحدث
عنه ابن القيم الذي يسوى بين رسول الله (ص) و أبو جهل . يقول ابن القيم : إنما
سعرت بغضب الجبار تبارك وتعالى ، فإذا زال السبب الذي سعرها ، فكيف لا تطفأ ، وقد طفآ
غضب الرب وزال [4].
هذا
الكلام السخيف والزيغ الذي ليس بعده هدى ، والتأويل المنحرف الذي ليس عليه دليل من
نقل أو عقل ، ورغم هذا فهو يجرم المتأولين في نفس كتابه المذكور [5] ، هذا المنهج
المعوج من التفكير جعل الاستعمار الذي عمل بناء على التوصيات الاستشراقية يمسك
بهذه النحلة وأربابها وروادها ويحي لهم مدرسة جديدة هي مدرسة بن عبد الوهاب التي
احيت تراث ابن تيمية وابن القيم ومن قبله
الخوارج، من اجل تشويه دين الله وإصابة المسلمين بالبلبلة الفكرية والعقائدية على
النحو الذي رسمته وزارة الاستخبارات البريطانية عن طريق (همفر) ، ثم تابعه (
شكسبير ) الذي قتل في معارك الاستيلاء على الجزيرة العربية مع عبد العزيز بن سعود
، وأتمه (جون فليبي ) الذي يسميه الوهابيين (الشيخ عبدالله فليبي ) والذي خطب بهم
خطبة الاستيلاء على مكة 1925م، وهو يمثل الرافد الرئيس الذي رسم المنهج
المعمول به حتى الحين .
0 تعليقات