فرقد الحسيني القزويني............
قلنا إن نيبوئيد خرج من عاصمة بابل متخذا من تيماء مقرا له لتحقيق
هدفه الإنساني الا وهو إنقاذ الناس من انفسهم ومن سيطرة الكهنة عليهم اضافة لاخضاع
الممالك المجاورة من خلال السيطرة على طرق التجارة البرية.
خرج بعد ان كلف ولده بيلشاصر نائبا عنه في إدارة بابل.
يقول الاستاذ هذيب غزالة جمع حوله الزهاد والمريدين وراح يمضي وقته
وهو يصلي لـ /إيل/ كي يبعث رسوله /البعل المخلص/ ليهدي شعبه ويمنحه الحب والأمل
وينقذه من الإنحطاط المستشري والخراب الزاحف.
وخلال عشرة سنوات التي قضاها في تيماء تحولت تيماء مع عموم بادية
الشام الى مركز نشر الدعوة العرفانية وانتشرت فيها الأديرة والصوامع للنساك
والمبشرين.
قلنا أن الكهنة اتهموا الملك ومن اتبعه بالهرطقة وقرر كما قلنا
الخروج بحجة انه يريد السيطرة على الطرق التجارية ومع هذه لم يسكت الكهنة والطبقة
العليا فأخذوا يمولون القبائل البدوية الطامعة او المدفوعة كي يهاجموا تيماء
والمناطق التي تتبع لها سلب القوافل وقطع الطرق
لم يقابل نبوئيد القبائل بنفس فعلها بل قام بارسال اتباعة ليقوموا
ببث دعوته بينها مما أدى إلى إفشال مخططات الكهنة ومن يقف معهم.
والشيء الآخر استغلالهم في صد القبائل الارية والآسيوية التي بدأت بالقضاء
على الممالك وتأسيس ممالك لها.
وجد نبونيد ان تلك القبائل استخدمت الخيل بشكل يختلف عمّا هو
متعارف عندهم حيث استخدمت الخيل بطريقة ساعدتهم على اجتياح آسيا وأوروبا وإسقاط
الممالك فقرر ان يجعلها والابل وسيلته الجديدة. درّب البدو الذين لا يعرفون من
الحضارة شيء كي يكونوا جيشه الذي يقاتل به البدو الاوراسويين وبهذا يستطيع أن يوسع
قاعدته العقائدية سواء في حياته أو بعد مماته.
ايقن ان لا خلاص من الواقع الفاسد الا بهولاء الذين يملكون الفطرة
التي يستطيع أن يغذيها بعقيدته. ولذا اجهد نفسه واتباعه بالتركيز على جميع بوادي
وصحارى المنطقة ابتداءا من بادية الشام حتى اليمن والجزيرة العربية وسيناء بل
هنالك اتباع امتد بهم الترحال والتبشير الى قبائل صحارى شمال افريقيا حتى سواحل
الأطلسي.
وبينما هو يعمل من أجل إرساء عقيدته سقطت بابل على يد الاخمينيين
بمساعدة رجال الكهنوت والطبقة العليا في بابل بعد أن اتفقوا مع الاخمينيين الإبقاء
على مصالحهم وسلطانهم.
لكن سقوطها لم يُنهي عقيدة نيبوند بل بقي يتسع خلال القرون التالية
حتى شمل معظم انحاء الأرض وبين مختلف الأقوام في آسيا وافريقيا واوربا. ومن هذه
العقيدة خرجت العيسانية والصابئية والهرمزية والمانوية والصوفية بطوائفها وغيرها.
بلغت هذه العقيدة ذروة سلطانها وإنتشارها مع إنبثاق المسيحية /
خصوصا في عهد الغساسنة اليعاقبة/ وكذا الاريوسية والنسطورية في العراق وايران /
وكذا المسيحية في كنيسة الاسكندرية اضافة الى عقيدة كنيسة بيزنطة. وقام ماني البابلي
بنشر دعوته النابعة من معتقد نيبوند ودفع حياته ثمنا لذلك حيث تم صلبه وحرقه.
يرى الاستاذ سليم مطر/ ان من اتباع نبوئيد البابليين الذين انتشروا
بين القبائل وبقوا فيها وتزاوجوا واسسوا حواضر ومدن منها الطائف ومكة والمدنية .
لقد ظل هذا الملك مقدساً لدى الرهبان والنساك والمتصوفة . والكثير
منهم يعتقدون بأنه هو المنقد المنتظر الذي سيظهر ذات يوم لينقذ الناس من الظلم
والفساد.
يقول الدكتور هديب غزاله/ يُعتقد ان قصة نبونيد وهجرته للصحراء
العربية هي التي اوحت للعرب بحكاية اسماعيل وامه الذين قطنوا الصحراء ومنهم انحدر
اجداد العرب الشماليين المستعربة ومن هذه السلالة البابلية انحدرت قبيلة قريش التي
حافظت على ميراث الأسلاف ومعتقدهم وراحت تلعب دورا قياديا توحيديا بين قبائل
الجزيرة العربية. حتى انبثق الاسلام ليحقق احفاد بابل نبوءات سلفهم الجليل نبونيد .
واخر ما وجده الباحثون في منطقة دومة الجندل نقش ثمودي يحمل اسم
نبوئيد نشره الدكتور محمد علي نجاح في مجلة هيرودت للعلوم الانسانية والاجتماعية.
النقش بالحروف العربية:
أ ن ب ر ن/ ع ب د/ ن ب و ن أ د/ م ل ك/ ب ب ل/ ن ط ر ت/هـ غ ن م/ ب
م أ ت ن/ ف ر ن/
/ و م أ ت ن/ ر ك ب/ أ ب ل/
الترجمة
انا بسران عبد نبانيد ملك بابل انتظرت الغنائم مئتين من الفرسان
ومائتي راكب ابل.
0 تعليقات