محمود جابر
من خلال حلقة مسجلة على اليوتيوب اطل علينا سعيد شعيب بحلقة بعنوان ( متى يدافع المسلمون عن حق زكريا بطرس فى انتقاد الإسلام ؟)
وفى بداية الحلقة طرح شعيب عدة أسئلة منها :
*لماذا اغلب المسلمين لا تحركهم الإساءة إلي الله جل علاه ،
وينتفضون لسب النبي محمد ؟
*لماذا يسيء هذا المسلم الغاضب الي عقائد غير المسلمين، وخاصة
اليهود والمسيحيين، ويقيم الدنيا عندما ينتقدوا دينه؟
*لما يكره زكريا بطرس الذي يهين الإسلام ، ويقدس الشيخ الشعراوي
الذي أهان وكفر المسيحيين؟
*لماذا المسلم الغاضب يثير العواصف وربما يقتل عند سب النبي، ولكن
لا تحركه جرائم الإرهاب الإسلامي؟
وللحقيقة لا أفهم أن
يغيب عن وعى وفهم وألمعية شخص مثله الفرق الجوهرى بين النقد والسب ...
ناهيك عن أن شعيب افتتح حلقته بوصف زكريا بطرس بالقمص، المستقيل أو الذي
خرج للتقاعد المبكر !!
والحقيقة وفقا للكنيسة المصرية بأن زكريا بطرس تم شلحه ولم يعد زجل دين ولا
يمثل الكنيسة وبالتالي لا يستحق ان نضفى عليه اى صفة كنسية لان الصفة ترتبط
بالموصوف والأمر لم يعد كذلك وفق ما قررته الكنيسة المصرية فى 2003م.
وما الفرق بين النقد والسب والإساءة ؟
الهدف الحقيقي للنقد، هو تحقيق مصلحة عامة، لا تختلط بمصالح شخصية،
ولا تهدف إلى تصفية حسابات قديمة، أما الإساءة التي تأخذ منحى شخصى أو بلا منهج
فهى حتما لا يمكن وصفها بالنقد، واعتقاد البعض بأن لهم حق فى الإساءة باعتبار هذا
حرية، فهي أمر سلبي للغاية، هي أقرب للجريمة، ففيها غياب تام لكل المفاهيم
الأخلاقية، هي في الغالب موجهة للشخص، أو لفئة أو جماعة، لا إلى عمل أو فكرة أو رأي،
ولا يحرص أصحابها على انتقاء الكلمات المناسبة، بل يتعمدون اختيار الكلمات المهينة
أو القبيحة،كما يفعل زكريا حين يصف النبى محمد بـ ( المسطول) مثلا، وهم يعتقدون أن
السبّ والتطاول والاستهزاء، مرادفات للجرأة، أو شجاعة الشخصية، أو قوة الكلمة، في
حين أن الحقيقة عكس ذلك تماماً، هي مرادفات لضعف الحجة، وقلة المعرفة، وغياب
الأخلاق!
إن ما يصدر عن بطرس، للأسف الشديد، هو أمر يتجاوز حدود اللياقة والأخلاق
خصوصاً مع الأساليب وألفاظ الجارحة المسيئة للنبي محمد خاص ولجميع المسلمين عامة،
وهذا ليس أسلوبا خشنا ولا منعه ومحاسبته نوعا من القهر، ولا رد الكنيسة عليهم او
نجيب جبرائيل لأنهم رهائن، ولكن اى عاقل يبحث عن مصلحة عامة لامته وشعبه ويذهب لإطفاء
حريق يمكن أن يشب فى فالعيش فوصف سلوكه بأنه يطفئ تحت قهر أو لأنه مضطر للإطفاء وإلا
يعاقب، فحينما تشب النار فى بلد تعيش فيها فمن واجبك الأخلاقي ان تحمل دلوا فى
يديك وتذهب لإخماد الحريق قبل ان تسأل فى بيت من نشب هذا الحريق..
ولكن شعيب ومن خلال إطلالته يريد ان يقول ان من حق اى شخص حتى يكون
حرا ولا يقع تحت قهر او استبداد ان يشعل ما يشاء ويحطم ما يشاء تعبيرا واقعيا عن
الحرية، ومنعه استبدادا مرفوضا...
عن المساس بكرامة ومكانة النبي الذى يعتقد بتقديسه ملايين المسلمين
فى العالم فضلا عن عامة أو اغلب أهل مصر، ليس عملا نقديا يا شعيب، ولو أن بطرس
يقوم بدراسة الدين الإسلامي ونقد الفقه أو كتب الروايات كما يفعل الكثيرين فلن تكن
الكنيسة طرفا فى الموضوع ولكن حينما يخرج لوصف القرآن بانه من اختراعات محمد
(الثمل) او ( المسطول) يفعل كل هذا وهو يدلس ويكذب ويخدع، حيث أن ارتداءه زى رجال
الدين فى الكنيسة المصرية الأرثوذكسية رسالة لا يخطئها عين صحفى متمكن مثلكم، فما
الهدف فى حرص المدعو بطرس على ان يظهر بهذا الملبس رغم انه ليس كذلك؟!!
يا شعيب كما أن الحد كبير بين الحرية والفوضى الإضرار بالآخرين،
وان الدفاع عن الفوضى والإضرار، ليس انتصارا للحرية ولكنه مشاركة فى الفوضى والإضرار،
والفتنة بذورها فى أن نسمح للعابثين ان يحولوا العيش الهانئ والجوار الطيب إلى
مشاحنات وملاسنات، وأبدا لا يستوي الإسلام والمسيحية، فى قضية التبجيل والاحترام
والتقدير، فالإسلام يعترف بالمسيحية، ويعترف باليهودية.. الإسلام يعترف وفقا لنصه الثابت المتعبد به بان
هناك مشركين، وكفار، ويهود، ومسيحيين، وأن كل صنف من هؤلاء غير الآخر قال تعالى (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا
ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين
ورهبانا وأنهم لا يستكبرون 82 المائدة
فالآية تتحدث عن مشركين، يهود، مسيحيين.... ولكنها تصف المسيحيين بأنهم
اقرب مودة، وانهم لا يستكبرون ...
فاعتراف المسلم بالمسيحية واليهودية جزء من دينية ومن عقيدته،
وانكارهما هو خروج من الدين ومن العقيدة، وهذا على خلاف المسيحية
...
فالمسلم فردا ومؤسسة دينية لم يكن يوما هدفه هدم المسيحية أو هدم
الكنيسة أو الدخول فى عداء مع الكنيسة أو المسيحية، ولم يخرج أحد من المسلمين يقول
أنا أهدف الى محو المسيحية من الأرض، لان محوها هو إنكار لجزء من عقيدته وهو خروج
عن العقيدة، أما أصدقائك الذين يسبون النبى ويتطاولون على الدين الإسلامي فنحن لا
نحترمهم ولا نقدرهم ويجب علينا عقلا ودينا وقانونا ان نمنعهم مما يفعلون لا ان
نجالسهم ونأكلهم، ولان الدين يأمرنا ان لا نجالس الذين يخوضون فى آيات الله، لاحظ
فى الوقت الذى أمرنا بالحوار والمجادلة مع اهل الكتاب وغيرهم، وشتان بين الخوض
والجدال، كما هو الفرق بين الحرية والفوضى، أو بين النقد والسب..
فالخوض هو العبث واللعب، أو العمل غير الممنهج، او العمل الذى لا
ينتج الا ضرب السلم الاجتماعي وإشاعة البغضاء، فالله تعالى يأمرنا ان لا نجالسهم،
ولا نكلمهم حتى يرجعوا الى حديث غيره، سواء الامتناع عن الحديث بهذه الطريقة أو
استخدام طريقة مثلى .
وما يفعله زكريا وكل من ذكرت يا شعيب لا يتنقدون تصورات تاريخية، لانهم
ينتقدون نصوصا مقدسة يقدسها المسلمون جميعا، ويستخدمون أساليب كما أشرت ابعد ما
تكون عن النقد، وفى هذه الحالة لو ان زكريا أمثاله كانوا فى مصر لتم إحالتهم الى
القضاء، وليس هناك حكما فى مصر يحكم على الساب أو مسيء الأدب بالقتل أو الشنق حتى
لو كانت الإساءة على للنبي أو القرآن .
وهذا شىء من عظمت مصر وعظمت القانون المصرى، وليس العكس لان الحفاظ على
السلم الاجتماعي والعيش المشترك وعدم السماح لمجانيين بان يسكبوا النفط على البيوت
ويشعلوا فيها النيران ليس قهرا او استبدادا ولكنه القانون الذى ينظم العلاقات بين
الناس ويحمى السلم العام .
فالأديان يا سعيد ليس مصدرا للاستبداد، ولا الديكتاتورية، فالأديان جاءت من
اجل تنظيم العلاقات بين الإله وبين المعبود وما بين الناس وبعضهم وهى شىء موازى
للقانون، ولم يكن يوما الإسلام وحده هو المنتج للعنف، وهذا كلام لا يقوله صحفى
مثلك مخضرم يعرف ان الصهيونية التى انطلقت من نظرية دينية وخلال قرابة ثمانية عقود
فعلت كل ما يندى له جبين الإنسانية، وما فعلته أوروبا المسيحية من العصور الوسطى
مرورا بعصر الاستعمار والنهضة وان لم تعرف فيمكنك ان تسال حتى تعرف...
وان قلت ان هذا كان شيء قديما وان أوروبا وأمريكا تغيرت، فيمكنك أيضا ان
ترى دعم أوروبا وأمريكا للكيان الصهيونى ضد كل فعل فلسطيني، وضد كل حقوق الإنسان الفلسطيني
وكيف تم إغلاق منظمة الانوروا فى فلسطين من اجل إحكام الخناق على الفلسطينيين،
ويمكنك ان تراجع ما فعلته أمريكا فى العراق، وما فعلته أوروبا فى ليبيا...
ان حديثكم عن ان ما يقوله المسلمين والعرب والمصريين من ان الغرب يريد هدم
بلادنا هى أساطير وخرافات وتفسيرات ديماجوجية وغير منطقية، على الرغم من انك تعرف
ان الوهابية اول من حمل السلاح ضد الناس والمسلمين صنعت على ايد المخابرات
البريطانية وان حسن البنا وجماعته كانوا صنيعة انجليزية فرنسية، وان هذه الصناعة
ما تزال يحافظ عليها الغرب ويفتح لهم بلاده ويستقبلهم كلاجئين ويوفر لهم كل سبل
الاستمرار والإرهاب، ويفر لهم النقل الأمن من بلد الى بلد إما بذاته أو عن طريق
عملاءه...
يا أستاذ سعيد .... مثلك لا يقول هذا وان رجل تمرست فى مهنة الصحافة وفى
الاقتراب من الجماعات الإرهابية ولا يخفى عن مثلك من صنعهم ومن دربهم ومن مولهم
ومن يعالجهم ومن يوفر لهم الملاذات الامنة..
اما ان كان هناك خلل فى فهم النص وإعادة تفسيره بما يخدم مصالح تلك
الجماعات والمنظمات الإرهابية، فايضا يجب ان تدرك ان ما تفعله هذه الجماعات هو
خدمة كبرى للامبريالية الغربية، نموذج ما فعل فى اشعال حرب داخلية فى سورية، وليست
كما تحلو لكم تسميتها ثورة فاعتقد ان هذه المصطلح سقط من ابجديات كل العقلاء . لان
ما فعل فى سوريا كان بعون ودعم وتخطيط اطراف غربية ومخابراتية وهى من سمحت بحالة
الفوضى والاقتتال الداخلى داخل سوريا..
لا اريد ان أطيل فى حديثى وأتطرق لتفاصيل
كثيرة وردت فى حلقتكم وعلى لسانكم، ولكن فقط أردت ان أضع النقاط على الحروف، فى
بعض القضايا وعلى الأخص انه ليس لبطرس ولا لغيره حق فى ان يضرب امن بلادنا من خلال
عقله المريض وقلبه الحاقد على البلد التى ربته وعلى جيرانه فهذا ليس سلوك رجل دين
ولكن سلوك رجل مستخدم سواء أدرك أو لم يدرك ....
0 تعليقات