علي الأصولي
لم يبتعد فقهاء الإمامية عن معنى الجزية حسب الفهم الأول من رأي
مشهور أهل اللغة. كما لاحظنا في تضاعيف كلماتهم حولها.
فهذا العلامة الحلي يرى أن الجزية في قبال الإقامة في دار الإسلام
كما في - التذكرة - وهذا المعنى يستبطن الجزاء المار الذكر. بل سار فقهاء السنة
على ما سار عليه المشهور اللغوي ولم يختلف تعريف ابو القاسم الخرقي كبير فقهاء
الحنابلة عن تعريف العلامة في - التذكرة - كما في - المغني لابن قدامة –
وقد فهم المشهور الإسلامي الفقهي على ان الجزية في قبال الحماية
وعدم التجنيد وعقوبة على تمسكهم بالكفر في نظر الإسلام. بالتالي هذه الاستفادة أخذت
من الحديث والسيرة وآية القتال ومعنى - عن يد وهم صاغرون –
وهذا الإجراء كان معمولا في الأمم الأخرى كالأمة الفارسية على ما
نص أصحاب التواريخ منهم صاحب - الكامل ج١ - والطبري في - تاريخه ج١ - بما لا مزيد
عليه. ورجح بعض الباحثين تبعا لتتبعهم على ان الجزية يعود تاريخها الى عصر
اليونان. وهذا الأمر لا يعنينا كثيرا في هذا المقام ومن أراد التوسع فليرجع الى
المظان.
نعم " فهم الفقهاء معنى - الصغار - في قوله - وهم صاغرون -
المراد أهانتهم وإذلالهم الذي هو أشد من القتال عند ذوي النفوس العالية على حد
تعبير صاحب - الجواهر ج٢١ –
وفي قبال هذا الفهم لمعنى - صاغرين - يوجد فهم آخر وحاصله - صاغرين
- اي خاضعين لنظام الدولة وقوانينها - وبهذا الفهم والمعنى يمكن ان يقطع الطريق
على من أراد توظيف - صاغرين - مهانين - بعد تركيز معنى - صاغرين خاضعين –
بيد ان الذي ذهب إليه المشهور ومعنى - صاغرين - مهانين أذلاء - فهو
ناتج من فهم للغوي لمؤدى لفظ - الجزية للغة –
مادة - ص غ ر - صاغرين - و - صاغرون - هيئة وجدت في آية تختلف عن
آية الجزية وهي آية من سورة النمل 37 - ونصها (ارجع إليهم فلناتينهم بجنود لا قبل
لهم بها ولنخرجنكم منها أذلة وهم صاغرون). فلو تم تفسير لفظ - صاغرون - لما
استقامة العبارة. لأن مجرد خروجهم ذلة فلا معنى وان يقال - لنخرجنهم أذلة وهم أذلة
- فلاحظ –
بالتالي " لا تستقيم فلسفة الجزية التي تحدث الفقهاء عنها من
جهة وختم كلامهم بعبارات الذلة والمهانة من جهة أخرى. كون الكلام في الشأن الضريبي
وهو لا يعني إذلال الناس بقدر ما يعني إخضاعهم لقانون الدولة مرغمين.
وفي ختام هذه الأسطر اذكر ما سطره الفقيه السيد الصدر في كتابه -
ما وراء الفقه ج١٠ - حول فلسفة آية الجزية اذ قال" إظهار عزة الإسلام وهيمنته
على الجانب الكافر من حيث يشعر الجانب الآخر بالذلة والتصاغر أمام تلك العزة
والهيمنة .. الخ ..
نعم " يمكن فهم نص صاحب - ما وراء الفقه - على أن الذلة التي
تكون على الجانب الآخر بلحاظ الهيبة وهي تتحقق بمعنى الحكومة وقوانينها بالتالي
يمكن ان يقال" الذلة ذلة خضوع لا ذلة إهانة وإذلال .. وأخيرا وليس آخرا لا أريد
التوسع في هذا المطلب كثيرا واترك الكلام والتفصيل للمطولات فهي كثيرة والحمد لله
رب العالمين ..
0 تعليقات