ملخص ما سبق :
تولى سابور الأول الحكم بعد وفاة والده أردشير سنة (۲٤١م) كان وسيما شجاعا صاحب همة
ومحبوبا من قبل الشعب ؛
انتصر على الإمبراطور الروماني فاليريانوس سنة (۲٥٨ م) شمالي سورية و وقع أسيرا
في يده و أذله ، ثم مات بعد ذلك في الأسر.
وصل غرور سابور(الأول) بانتصاراته إلى ادعائه ملكية العالم ، وأطلق
على نفسه لقب ( شاهنشاه إيران وأنیران ) أي ملك ملوك إيران وغير إيران ؛ على أن
سابور مع كل انتصاراته السابقة لقي هزيمة منكرة من أذينة ملك مدينة تدمر العربية و
لم يتمكن سابور من الانتقام لهزيمته هذه طيلة حياته التي استمرت حتى سنة ( ۲۷٣ م).
تعتبر فترة الضعف الأولى للإمبراطورية الساسانية الفترة (۲۷۲ - ۳٦٠م) وقد حكمها بعد سابور خلال
تسعة عقود سبعة ملوك ضعاف .و ثامنهم أمضى نصف حكمه فترة ضعف
1 هرمزد الأول - 2 بهرام الأول - 3 بهرام الثاني -
4 بهرام الثالث - 5 نرسي - 6 هرمزد الثاني -
7 آذر نرسي - 8 سابور الثاني
ويعد الملك سابور الثاني واحدا من أشهر ملوك الدولة الساسانية نظرا
لإنجازاته الكبيرة في الداخل والخارج ، إضافة إلى طول فترة حكمه ، فقد حكم سبعين
سنة متواصلة ( ٣١٠-٣٧٩م) ؛ منها عدة شهور قبل ولادته .
بعد أن اطمأن سابور على وضع مملكته الداخلي بدأ يبحث عن سبب أو
ذريعة لإعلان الحرب ضد روما ، وقد وجدها في الخلافات التي استعرت بأرمينية ، التي
انقسمت بين مؤيد لروما النصرانية بعد إعلان ميلانو ومؤيد للدولة الساسانية .
وخاض سابور حربا في أرمينية استمرت اثنتي عشرة سنة ( ٣٣٨- ٣٥٠م) ،
وقد اضطر سابور لإيقاف الحرب عندما ظهرت قبائل الهون ، على حدود إيران الشرقية ،
وبعد حرب طاحنة ضد قبائل الهون استمرت سبع سنين ( ۳٥٠ - ۳٥٧م ) تلتها معاهدة صلح عاد
إلى قتال الرومان بعد أن انضم بعض الهون إلى جيشه .
كان سابور الثاني قد تلقى بعد انتهائه من حرب الهون رسالة من
الإمبراطور الروماني كونستانس ، يعرض فيها صلحا ، لكن سابور رد على الرسالة :
" من سابور ملك الملوك رفيق النجوم أخو الشمس والقمر إلى أخيه
القيصر ، يبدو أن الإمبراطور أراد إصلاح خطئه والعودة .. وإن سابور عليه أن يسترد
أرمينية و العراق و الأقاليم التي كانت بحوزة أجدادي ..وإذا عاد سفرائي دون أن
يحملوا موافقة الإمبراطور على هذا التنازل عن الأراضي المغتصبة ، فإن الملك العظيم
سيسير بكل قواه لحرب الإمبراطور بعد استراحة الشتاء " ..
ورد.الإمبراطور کونستانس بجواب ذكره أميانوس على النحو التالي :
« من كونستانس المظفر في الأرض والبحر ، والعظیم دائما ، إلى أخيه
الملك سابور ، أرفض عرضك رفضا تاما مع لومي لك على الجشع الذي يتزايد على الدوام
" .
وقد بدأ سابور الحرب سنة ( ۳٥٩م) بهجوم على قلعة آمد ، وهي ديار بكر
حاليا ، واستولى عليها بصعوبة، ولم يتمكن الإمبراطور الروماني من الرد بالسرعة
الكافية لانشغاله ببعض المشكلات الداخلية التي انتهت بوفاته سنة(۳۹۱م) ..واستلام جولیان منصب
الإمبراطور ، الذي اصطحب في حربه ضد سابور عددا من أدعياء العروش في
طیسفون(المدائن) وأرمينية من الذين التجأوا إلى روما .
ولكن هذه الشخصيات لم تغير من واقع الأمور شیئا ، إذ إنه بعد حصاره
الفاشل للعاصمة الساسانية (طيسفون) انسحب لتعقب جیش ساساني آخر ، وأثناء انسحابه
قتل بحربة فارسي ، فانتخب الرومان أحد قادتهم ، وهو جوفيان (Jovian) ، إمبراطورا فأصبح غاية مرامه سحب الجيش
الروماني من منطقة دجلة ، ورحب جدا بعقد هدنة لمدة ثلاثين عاما ، وصلح تعهد
بمقتضاه الرومان بالتخلي عن قلعة نصيبين ، وبإعادة.منطقة أرمينية وبلاد الرافدين
إلى الدولة الساسانية .
ومنذ ذلك التاريخ بدأت المصادر الساسانية ، و البيزنطية
فيما بعد ، تطلق على سابور لقب "الكبير ".
وقد حاول الإمبراطور فالنس ( Valens ) التمرد على بنود تلك المعاهدة ، مما
استتبع حربا ثانية ، استغرقت حتى سنة ( ۳۷٦م ) حتى تعب الطرفان ، وتداعيا إلى صلح
يكفل لهما حدودا هادئة ..
وبعد ثلاث سنوات من هذا التاريخ مات سابور الثاني سنة ( ۳۷۹ م) بعد حکم دام سبعين سنة ترك
خلالها دولة قوية مهابة الحدود غنية الموارد .
بعد موت سابور الثاني مرت الدولة الساسانية بفترة ضعف إلى ظهور
قباد الأول .. وتسمى فترة الضعف الثانية ، وحكم خلالها ملوك ضعفاء استمرت فترة حكمهم
( ۳۷۹.541).،
وهم :
أردشير الثاني
جلس على عرش والده لمدة ثلاث سنوات (۳۷۹ - ۳۸۲م) ، تذكر المصادر أنه كان
ضعيف الشخصية ، طمع فيه عظماء الدولة وحاشيته ، الذين استعادوا في عهده ما فقدوه
في أيام سابور ، ولكن أردشير٢ مع ذلك كان طيبا ومحبا للخير ساعيا له ...
ولعل أبرز حوادث عهده هي إصداره مرسوما بإلغاء جميع الضرائب
المفروضة على الشعب ، لدرجة جعلت لقبه الشعبي" أردشير الخير .
وعندما رغب في كبح جماح عظماء الدولة أقدموا على خلعه وتنصيب أخيه
سابور الثالث .
2 سابور الثالث
تولى الحكم بعد خلع أخيه لمدة ست سنوات ( ۳۸۲ - ۳۸۸م). وكان ضعيفا كأخيه استسلم
لطموحات رجالات الحاشية ، وتم في عهده سنة ( ۳۸٤م ) الاتفاق مع الرومان على
تقسيم أرمينية وذلك دفعا للنزاعات المستقبلية ، بعد أن أدرك الطرفان عجزها عن حسم
الخلافات لصالح أحدهما .
وقد قسمت أرمينية إلى قسمين :
▪ شرقي كبير تحت السيادة الساسانية
▪غربي صغير تحت السيادة الرومانية
علما بان الحكام المحليين في كل من القسمين كانوا من الأمراء
البارثيين المنقرضة دولتهم ؛ وعندما حاول سابور الثالث التصدي لنفوذ عظماء الدولة
من النبلاء والأشراف ورجال الدين أقدموا على اغتياله سنة ( ۳۸۸م ) ونصبواأخاه بهرام مكانه .
3- بهرام الرابع
تسلم العرش من عظماء الدولة وحكم إحدى عشرة سنة ( ۲۸۸ - ۳۹۹م ) ، وعرف بلقب کرمان شاه ،
أي ملك کرمان ؛ لأنه حكم إقليم کرمان زمن والده سابور الثاني ، وتعزو بعض المصادر
تقسیم أرمينية إلى عهده ، وإن كان من الثابت أن روما افتعلت في عهده بعض المشكلات
في البلاط الأرمني لصالحها ، وأنه أرسل جيشا قمع فيها التدخل الروماني .
وتختلف المصادر في مقتل بهرام الرابع ، ففي حين تنسبها بعض
الروايات إلى الإضطرابات التي حدثت في صفوف جيشه ، تعزوها روايات أخرى إلى رغبة
عظماء الدولة في التخلص منه بعد نجاحه في السيطرة على أحداث أرمينية .
والجدير بالذكر أن عهد بهرام الرابع شهد انقسام الإمبراطورية
الرومانية إلى قسمين ، فقد أقدم الإمبراطور ثيودوسيوس الأول ( Theodosius ) على تقسيم الإمبراطوية إلى قسمين :
▪ الأول شرقي وعاصمته القسطنطينية ( إستانبول ) ، ▪ والثاني غربي
وعاصمته روما .
4 یزدجرد الأول
تبوا العرش الساساني بعد مقتل والده وحكم نحو عشرين سنة ( ۳۹۹ - ٤٢٠ م )، واختلفت الروايات في
رسم صورته في التاريخ ، ففي حين تصفه المصادر الفارسية والعربية بأنه كان شريرا
قاسيا ، لدرجة أنها تطلق عليه لقب ( بزه کار ) أي : الآثم ، أو ( دبهر )يعني
المخادع ، تصفه المصادر السريانية والبيزنطية بأنه كان طيبا رحيما ، وأنه كان يعطف
على الفقراء .
ويقر الطبري اتهام الروايات الشرقية له بالقسوة والمخادعة بكلام
يورده الملك بهرام الخامس ابن يزدجرد نفسه حين يقول : إن والده عامل الناس في
بداية حكمه باللين ، وحاول نشر العدالة إلا أن الناس جحدت هذا اللين ، مما اضطر الملك
إلى معاملتهم بالقسوة بعد ذلك ..
وتذكر الروايات البيزنطية أن من ثمرات السلام الذي تم بين الدولتين
البيزنطية والساسانية، في عهد يزدجرد الأول ، أن طلب الإمبراطور البيزنطي أركاديوس
( Arcadius ) في وصيته من يزدجرد
رعاية ابنه الطفل وحمايته من أعدائه في القسطنطينية ، خاصة في حال وفاته ، وقام
يزدجرد بحماية الطفل ثيودوسيوس الثاني حتى شب وأجلسه على عرش والده ..
وقد لبى أيضا طلب كبار رجال الدين النصراني بحماية نصاری إيران ،
لدرجة أنه سمح في عهده سنة ( ٤۱۰ م ) بعقد مجمع كنسي في مدينة (سلوقية دجلة) بجانب المدائن
، ضم رجال الدين النصارى في الدولة ، وافتتح المجمع بدعاء علني للملك الساساني ،...
وأوعز یزدجرد إلى ولاته بالمساعدة على تطبيق قرارات المجمع ، خاصة
في مجال الحرية الدينية ، وبناء الكنائس ، وفي هذا العمل تبرير كاف لموقف الروايات
البيزنطية والسريانية من هذا الملك المتعاون ، الذي تزوج بدوره من سيدة يهودية
لإثبات بعده عن التعصب الديني .
و على الرغم من الدوافع السياسية لهذه الأريحية الدينية ، فقد
واجهت هذه الإجراءات مقاومة شديدة من رجال الدين الزرادشتي ، الذين ساءهم تراجع
أهميتهم إلى المرتبة الثانية .
وزاد الطين بلة أن بعض كبار رجال الدين النصاری غالوا في تحديهم
للرأي العام في الدولة الساسانية ، لدرجة إقدام عدد منهم على تخریب بیوت النار،
وهي المعابد الزرادشتية ، دون خشية أحد مما اضطر الملك بعد تكرار هذه الحوادث إلى عكس
إجراءاته التسامحية والجنوح إلى سياسة معاقبة المخالفين لقواعد وشرائع الدین
القومي للإيرانيين .
وقد بلغت ذروة هذه السياسة بتعيين مهرنرسي في وظيفة كبير الوزراء ،
وكان مشهودا لهذا الشخص بكراهيته للدين النصراني والمؤمنين به ..
ويبدو أن القدر لم يسمح ليزدجرد بالتلذذ بهذه السياسة الانتقامية
الجديدة ، إذ تذكر الروايات موته سنة ( ٤۲۱ م ) ، ولكنها تختلف في أسبابه ، وفي إذا
كان مات نتيجة مؤامرة عظماء الدولة من النبلاء ورجال الدين ضد ملك معارض لهم ، أو
أنها كانت نتيجة سقطة جواد كما ذكرت الروايات الرسمية .
5 بهرام الخامس
وكان ليزدجرد قبل مصرعه ثلاثة أبناء :
▪أكبرهم يدعی ساہور ، وكان نائبا لوالده يحكم الجزء الساساني من
أرمينية ،
▪ وثانيها
ويدعی بهرام ، وكان يزدجرد قد أرسله صغيرا إلى الإمارة العربية المتحالفة مع
الساسانيين ، وهي إمارة الحيرة في عهد أميرها المنذر بن النعمان ، لتأديبه وتربيته
.
▪وثالثها ويدعی نرسي ، وأمه يهودية ، ويبدو أنه كان قاصرا عند وفاة
والده ، وقد استعان به بهرام بعد توليه السلطة .
ويبدو أن عظماء إيران الذين تخلصوا من الملك الكريه يزدجرد أرادوا
أن يحجبوا العرش عن كل أولاده ، فأقدموا على قتل ابنه الأكبر سابور إثر مجيئه من
أرمينية لتسلم العرش ، باعتباره أكبر أولاد الملك السابق .
واختاروا أميرا من الأسرة الساسانية يدعی کسری ، ونصبوه ملكا عليهم
، على أن هذا الموقف لم يجد قبولا عند الأمير بهرام ، الذي كفل له مضيفه النعمان
قوة عسكرية أحسن إعدادها للمطالبة بعرش أبيه .
وتوجهت القوة العربية نحو المدائن التي لم تتمكن من التصدي لهذه
القوة ، واضطرت عظماء الدولة إلى مفاوضة الأمير بهرام والقبول بتنحية كسرى "
وتنصيب بهرام ملكة على الدولة الساسانية ..
وقد تردد في المصادر الإيرانية رواية عن عرض العظماء تأییدهم لأحد المتنافسين
على العرش ( الأمير کسری ) و ( الأمير بهرام ) ، شريطة تمكنه من الحصول على التاج
الساساني الموضوع بين أسدين متقابلين ؛ وتضيف بان کسری رفض دخول قاعة المباراة في
حين قام بهرام بقتل الأسدين والتقاط التاج .
وهي رواية يفسرها المؤرخون المعاصرون بأنها لفقت لإخفاء حدث مخجل ،
وهو عدم تمكن الدولة الساسانية من الوقوف في وجه قوة عربية صغيرة منظمة استطاعت أن
تفرض مرشحها على العرش الساساني .
وتصف المصادر الملك الجديد بأنه كان محبوبا محاربا مغامرا ، فقد
أحسن معاملة عامة الناس ، وخفض عنهم الضرائب ، وأبلى في حروبه ضد القوات البيزنطية
على الحدود ، وكذلك ضد قبائل ( الهياطلة - الهون ) ، وقد ألفت قصص كثيرة حول مغامراته
النسائية ومخاطراته في أعمال الصيد ، لدرجة أنها أصبحت إحدی مواد التزيينات على
رسوم الأواني والسجاد الإيراني بصورة عامة .
وقد أدى غرامه بالغناء والموسيقى أنه أحضر من الهند أعدادا كبيرة
من الموسيقيين والمغنين لإمتاع عامة الناس ؛ حيث كان الموسيقيون يعزفون في الساحات
العامة .
وبدأ بهرام الخامس حكمه بالتصدي لخطر برابرة الشمال ، وقاد حملاته
ضدهم بنفسه ، وحقق انتصارات باهرة عليهم ، في الوقت الذي كانت سياسة اضطهاد
النصارى ، التي كان أقرها يزدجرد الأول ، وأوكلها إلى مهرنرسي ، تؤتي أكلها في
بداية عهد بهرام ، لدرجة أقنعت نصارى المنطقة الإيرانية بمغادرتها باتجاه أراضي
الدولة البيزنطية ..
وقام المغادرون بتأليب الدولة البيزنطية للإنتصار لدينها الرسمي
،.وأدى ضغطهم إلى نشوب حرب قصيرة بين البيزنطيين والساسانيين تفوق فيها البيزنطيون
، وعقدوا صلحا سنة ( ٤٢٢م ) إعترف فيه بهرام من جديد بحرية العبادة والعقيدة في
مملكته ، مما أدى إلى تأسيس كنيسة إيرانية جديدة سنة ( ٤٢٣ م ) و طالبت بأن تكون
مستقلة عن الكنيسة الغربية في القسطنطينية .
وفي أواخر فترة حكم بهرام الخامس توفي أخوه نرسي الذي كان قد عينه
حاكما على أرمينية الساسانية ؛ ودبت الفوضى في أرمينية كلها لصالح بيزنطة .
وفي سنة ( ٤٣٨- ٤٣٩م) مات بهرام الخامس في إحدى رحلات صيده على
الأغلب ، أو بشكل طبيعي على حد قول المؤرخ الفردوسي ليخلفه ابنه يزدجرد .
6 یزدجرد الثاني
تسلم الحكم بعد والده ولكنه لم يكن يتحلى بصفاته ، ولهذا لا نجد
ذكرا أو أهمية کبری لعهده ، باستثناء اشتداد تبعيته للديانة الزرادشتية ، وأوامره
الصارمة ضد النصارى التي أرسلها إلى أمصار المملكة ، وخاصة أرمينية التي أزعجه
منها الانتشار الكبير للنصرانية بها ...
وبعد انتهائه من قتال برابرة الشرق والشمال وجد أن الاستجابة
الأوامره بالعودة عن النصرانية لم تلق استجابة ، بل لقيت تمردا ، وجه ضد أرمينية
جيوشا تمكنت من سحق المتمردين النصاری وقتل معظمهم وسجن الآخرين ، و أعادت إعمار
بيوت النار والعبادة الزرادشتية فيها .
ويبدو أن الوضع في بيزنطة كان ضعيفا لدرجة أنه تمكن من إكراه
الإمبراطور البيزنطي ثيودوسيوس على ضرورة أن تساهم بيزنطة في دفع تکالیف حماية
حدود الإمبراطوريتين ضد البرابرة الهون ، وأجبره على توقيع اتفاق مدته ٦٠ سنة ،
ولكن يزدجرد مات سنة ( ٤٥٧ م)، بعد حکم دام نحو ( ۱۸ ) سنة ؛ وتسلم الحكم بعده ابنه
الأكبر هرمزد .
7 هرمزد الثالث
ويذكر الطبري أنه كان لهذا الملك أخ أصغر يحكم في سجستان يدعي
فيروز ( بيروز) ، طمع في العرش بعد وفاة والده ، وتوجه بعد تولية أخيه هرمزد إلى
العاصمة (طيسفون المدائن) بجيش كبير بمساعدة أحد الأشراف ويدعی رهام ( Raham ) ، وخاض حربا ضد أخيه لمدة سنتين ، كانت
أمهما خلالها تحكم في العاصمة منفردة ، وعندما انتهت الحرب لصالح فيروز قتل هرمزد
بإيعاز من رهام ، وتنازلت الأم عن الحكم لصالح ابنها فيروز .
8 فيروز الأول
على الرغم من طول مدة حكمه التي استغرقت الفترة من ( ٤٥١ - ٤٨٤ م )
إلا أن عهده لم يتميز بأحداث سياسية أو حضارية هامة ؛ ولعل أهم هذه الأحداث أن
البرابرة من الكداریین ، بوجه خاص ، كانوا يتربصون بالدولة ، ويعتدون على حدودها
دون خوف ، وقد ساهم القحط الطويل وانحباس الأمطار الذي حدث في عهده في معظم أراضي
المملكة ؛ إضافة.مصاعب اقتصادية واجتماعية للدولة ..
ومع أن فيروز أراد التخفيف عن الشعب بإعفائه من الضرائب وإعادة
توزيع الغلال بين المناطق ، إلا أن هذه الإجراءات لم تؤد إلى تحسن الموقف إلا بعد
هطول الأمطار ، الأمر الذي دعا فيروز إلى إعادة الاحتفال بعيد قديم جدا من أعياد
الفرس هو عيد المطر ( آب ریزكان ) .
و تذكر الروايات أن فيروز حاول مصاهرة ملك الكداريين البرابرة
المدعو کنجخاس ( Kungkhas ) لثنيه عن مهاجمة
الحدود بتزويجه من أخته ، ولكنه أرسل إليه جارية من جواريه ، ما أدى إلى تعاظم
نقمة البرابرة ضد فيروز ..
و يذكر المؤرخ الكرديزي في كتابه ( زين الأخبار و أن فيروز إعتكف
في احد بيوت النار وتعبد كثيرا ، وقدم صدقات للفقراء ، وتضرع إلى الألهة التي
استجابت وأطلقت الأمطار من عقالها على مملكة فيروز جد كسرى أنوشروان ..
وكان العالم المسيحي في تلك الفترة يعاني من مشكلة عقائدية دينية
كبيرة حول.طبيعة المسيح ، وانقسم هذا العالم نتيجة هذا الخلاف إلى قسمين :
. الأول هم النساطرة ، ويقولون : إن للمسيح
طبيعتين مميزتين ؛ إحداهما ناسوتية (إنسانية)، وثانيها لاهوتية (إلهية ).
▪ والثاني ويدعون ( اليعاقبة ) ، ويقولون : إن للمسيح طبيعة واحدة
( مونوفيزيت ) إنسانية وإلهية في آن واحد .
ووصل الخلاف بين الفرقتين إلى أشده ، بل انقسمت عنهم فرق بعضها
مغال والآخر توفيقي . وكان نصاری إيران يتبعون كنيسة الرها ، التي تدين بدورها
بالعقيدة النسطورية ذات الطبيعتين .
وقد أدرك فيروز الأهمية السياسية التي تكمن وراء دعم النساطرة ،
الذين كانوا يختلفون عن كنيسة القسطنطينية المونوفيزيقية اليعقوبية ، فقد كان من
شأن ذلك أن يبعد نصاری ایران عن نصاری دولة الأعداء البيزنط ، وقام فعلا بدعم النساطرة
.
وعندما اشتد أذى قبائل الهياطلة الهون على الحدود ، قرر فيروز
التصدي لهم ، ولكنه.هزم في أول معاركه ، وأسر واضطر لدفع فدية كبيرة ، ورهن ابنه (
قباد ) لحين سدادها .
ولم يتعظ فيروز من هذه الهزيمة بل سرعان ما عاود حرب الهياطلة بعد
افتداء ابنه ،.ودفع حياته سنة ( ٤٨٤ م) ثمنا لهذه المغامرة ، التي حاول عدد من
قادته ثنيه عن الإقدام عليها .
ومنذ ذلك الوقت أصبحت الدولة الساسانية خاضعة بشكل غير مباشر
لأوامر ملوك الهياطلة الهون ..
--
0 تعليقات