آخر الأخبار

الأنباط: تجار المسافات الطويلة ! (2)

 



 

عاطف معتمد

 

الخريطة المرفقة قدمها "راجح زاهر" مدير متحف النوبة في أسوان وذلك في الفصل 14 من كتاب "شعوب الصحراء الشرقية" وقد نقلناه للعربية وننتظر خروجه من المركز القومي للترجمة.

 

تعرض الخريطة لطرق تجارة الأنباط التي تحدثنا عنها فى مقال السابق. والأنباط شعوب بدوية من رعاة الصحراء العربية، اتحدوا وكانوا رواد التجارة في منطقة كبيرة من شبه الجزيرة العربية وحتى صحراء مصر الشرقية مرورا بسيناء ومناجم الفيروز وذلك فيما بين القرن الرابع ق.م. والقرن الثاني الميلادي، وخلال هذه الفترة امتد نشاط الأنباط التجاري إلى إيطاليا في الشمال واليمن في الجنوب.

 

وبناء على دراسة راجح زاهر لخصت لكم هنا أهم 10 معلومات أساسية عن الأنباط ذلك الشعب التجاري الذي ظهر في إقليم عربي عرف باسم "بلاد العرب الصخرية" تمييزا له عن بلاد العرب الصحراوية في شبه جزيرة العرب وتمييزا له عن بلاد العرب السعيد (أي الخصبة) والتي يقصد بها اليمن.

 

🔹️ تحدث الأنباط واحدة من اللغات السامية، وكانت نشأتهم الأولى وسطاء للقوى الكبرى المجاورة والمهيمنة، فقد عملوا لصالح "معين" و"الفرس"، وكانت مصر أهم شريك تجاري للأنباط. وكانت هناك مستوطنة نبطية في وادي الطميلات شرق دلتا النيل.

 

🔹️كانت السفن النبطية تعبر البحر الأحمر لنقل البضائع من المواني على ساحل البحر الأحمر المصري وإليها، وظهرت عناصر دينية مصرية في مجمع الآلهة النبطي. وتوضح المخربشات والنقوش أن الأنباط كانوا نشطين في الصحراء الشرقية في عصر الرومان، وربما قبل ذلك أيضا.

 

🔹️ يعتقد أن أقدم نقش نبطي في مصر يرجع إلى حوالي 48-30 ق.م. وعلى أسس مشابهة من علم الكتابة القديمة يبدو أن معظم النقوش النبطية في الصحراء الشرقية قد كتبت بعد سنة 110 م.، وآخرها يحمل تاريخ سنة 266 م.

 

🔹️ كان الأنباط مهرة في إدارة المياه، فكانوا يخزنون هذا المورد الثمين في صهاريج محفورة في الصخر، أو يوجهون الماء من مصدره إلى المناطق المراد استغلاله فيها. وفي وقت انتشرت تجارة الأنباط في أجزاء من شبه جزيرة سيناء، بما في ذلك مناجم الفيروز التي سيطر المصريون عليها لفترة طويلة.

 

🔹️ اتخذ الأنباط من البتراء في شرق نهر الأردن عاصمة لهم. و"البتراء" ليس اسما عربيا، فالاسم العربي الأكثر دقة هو "سلع" ، أما "البتراء" فاسم محرف من الرسم الإغريقي الصحيح "بِترا Petra" والتي تعني الصخر (ومن هنا عرفت بلادهم ببلاد العرب الصخرية). ومن الطريف أن هذا الاسم الإغريقي "بترا" ليس سوى ترجمة للمسمى النبطي "سَلَع" الذي يعني الصخر أو الحجر ومنها ظاهرة "السلاع" الشهيرة في الصحارى وهي صخور ملساء من الحجر قبوية الشكل. ومن الأسماء الأخرى لبترا "الرقيم" وربما كان اسما دالا على النقوش المرقومة على صخور الحجر الرملي في "سَلَع".

 

🔹️استوطن الأنباط في منطقة إستراتيجية أعطتهم موقعا مركزيا استطاعوا من خلاله الحصول على البضائع من منطقة البحر المتوسط ومن أماكن بعيدة حتى الهند. وكانت عاصمتهم البتراء واقعة على ملتقى طريقين قديمين رئيسين: "طريق البخور" القادم من اليمن و"طريق المَلِك" أو طريق السلطان أو طريق حورس القديم والذي كان يصل مصر ببلاد الرافدين.

 

🔹️تطورت البتراء من مستوطنة محصنة صغيرة إلى مدينة ثرية بين الإمبراطوريات الآشورية والمصرية والإغريقية والرومانية. وأصبح سكان البتراء أثرياء بفرضهم رسوم مرور على البضائع التي تعبر مدينتهم، مقابل تقديم الحماية من القبائل المغيرة. وتظهر الأدلة الأثرية أن الأنباط عاشوا في خيام أساسا، وربما في كهوف منحوتة في الصخر.

 

🔹️ وقد تأسس بلاط ملكي في البتراء، وأصبح معروفا باسم عاصمة الأنباط في العالم الإغريقي. وذكرت البتراء على ما يبدو في تجارة آسيا الوسطى وفي مصادر صينية منذ القرن الثاني قبل الميلاد. وكان الأنباط يؤسسون المستوطنات في أي مكان يذهبون إليه وأشهرها: "سلع"، و بُصيرا (جنوب البحر الميت)؛ و مدائن صالح، على بعد 12 كم من ددان (العلا الحالية، شمال المدينة المنورة)؛ و ينيسوس جنوب ميناء غزة القديمة، وبُصرى قرب دمشق.

 

🔹️ أقام الأنباط مستوطنات على طريق القوافل البرية بين أيلة وغزة ودمشق. وأسست قبائل عربية غير محددة مستوطنات تجارية في الهند وسري لانكا وحتى الصين. وكان البخور ينقل على مدى القرون من جنوب الجزيرة العربية إلى معابد أوروبا عبر الطريق البري.

 

🔹️ وبعد أن ضمت الإمبراطورية الرومانية مصر في سنة 23 ق.م.، قام الإمبراطور أغسطس بتكليف الحاكم إيليوس جالوس بغزو جنوب الجزيرة العربية برا. وقد أضر ذلك كثيرا بمملكة سبأ جنوب الجزيرة العربية، وهو ما أضر بالمصادر التجارية والسلع التي اعتمد عليها الأنباط في تجارتهم ولا سيما سلع الجنوب ومهد لزوال نفوذهم بعد أن بلغ في مصر مناطق عديدة سواء على البحر كما في ميناء برنيس أوالقصير القديم أو امتد عبر الأودية الواصلة بين البحر الأحمر ووادي النيل.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات