آخر الأخبار

ورقة علمية: المطبِّعون ينتحُون بالشريعة … 2

 



  

 

 أ. صلاح عبد الرؤوف

 (خاص بمركز الزيتونة).



اكتسبت فلسطين قدسيتها، كونها أُولى القبلتيْن، وثالث الحرميْن الشريفيْن، كما أنها مهد المسيح (عليه السلام)؛ إضافة إلى أن فلسطين قضية تحرر وطني، وعربية في منشئها، وفي حلِّها، بأفق إنساني؛ لذا، فقد تصدَّرت سُلَّم أولويات الأُمة العربية، والإسلامية، ما جعل الشعوب العربية، والإسلامية، حائلاً دون أن يتمتع الكيان الصهيوني بعلاقات طبيعية مع دولهم، فلزِم تغييب العقل العربي، ليصبح العدو صديقاً، وذلك بأدوات عدة، منها، تزييف الوعي الديني، من خلال فتاوى، وآراء تَنْتَحي بالشريعة، بعيداً عن الحق، وقد تمَّ، في موجات متوالية، كلٌّ منها أشدُّ من سابقتها، سُوءاً، وانحرافاً.



ثمة حقيقة يجب إقرارها، أولاً، أن فتاوى “التطبيع”، والمهادنة للعدو، كانت خروجاً على ما أصَّله فقهاء الأمة، من آراء فقهية، أوجبت الجهاد ضدّ العصابات الصهيونية، وكيانها الغاصب، وألزمت آحاد الأمة بالعزل التام للكيان، على كل الأصعدة، من خلال المقاطعة؛ إدراكاً من العلماء بطبيعة الصراع مع العصابات الصهيونية؛ فهو “عدوٌ محاربٌ”، قد “أغار على وطنٍ من دار الإسلام، فاستولوا عليه بالقوة، واستبدوا بأمر المُلك فيه”، وأن أهداف العدو البعيدة، هي “السيطرة على دول الإسلام كافة، والقضاء على عروبتها، وحضارتها”، ولتحقيق هذا الهدف، سعت هذه العصابات، أولاً، إلى “إقامة دولة يهودية بقُطر من أعز أقطار الأمة العربية والإسلامية، وهو فلسطين”، و”تهويد هذه البلاد الإسلامية المقدسة، وإخراجها من أيدي أهلها، وإجلائهم عنها”، وذلك من خلال “امتلاك أراضي فلسطين”، التي تعدُّ “القضية الأساسية”، وهذا كله يتم، بدعم من الدول الغربية، وبتأييد من المؤسسات الدولية، ومساعدة بعض أبناء الوطن؛ وانطلاقاً من هذا الفهم لطبيعة الصراع.

 

ورقة علمية: المطبِّعون ينتحُون بالشريعة … (1)

***

2

في مواجهة ذلك الغضب، أصدر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، مفتي الديار المصرية، في 26/11/1979، فتوى، غاب عنها الحق، بل اختفى فيها الدين، وانبرت خطاب دعاية مبتذلة، وإشادة بـ”حكمة الرئيس، وصحة رأيه، وسداد خطاه”، واستُخدمت نصوص الدين، في غير موضعها! والعجيب أن جاد الحق قد تحدى السلطات المصرية، وهو في منصبه، في مسألة فرعية متواضعة، وهي إلزام المجندين بحلق اللحية!  أما في قضية مصيرية للأمة، فقد خرجت الفتوى، بشكل لا يتفق مع تعاليم الإسلام، وتنظر إلى الواقع بعين السيد الرئيس، ما يُذكِّرنا بالمثل الشائع: “يستبيحون قتل الحسين (رضي الله عنه)، ويستفتون في قتل الذبابة”!

 

ومما تضمنته فتوى تجميل الوجه القبيح للتطبيع الآتي:

 

1.   نظرت الفتوى للإسلام بعين واحدة، حين ضخَّمت، بلغة دعوية، من جانب “السّلم، والإخاء في الإسلام، وأنه دين سلام، ومهادنة، وصفاء، وسكينة”. وتحدثت، في حشو ليس بمكانه، عن “وجوب الدعوة إلى الله، بالمنطق، والعقل”! مسرفةً في عرض القواعد العامة في التعايش السلمي، مع “أهل الكتاب”، والتأكيد على أن الإسلام “أمر المؤمنين بالامتناع عن القتال، إذا لم تكن هناك ضرورة”؛ وكأن تحرير أرض العرب، والمسلمين من يد العدو الصهيوني، يتحدد بـ”أسلوب الدعوة إلى الله”؟! وهل يتجلى موضوع العداء مع الصهاينة، في كونهم “أهل كتاب”؟! وهذا مؤسِّس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين، الذي أكد، غير مرة، بأنه “لو احتل فلسطين مسلمون، لقاتلناهم”.

 

لذا، فقد قصَّرت فتوى جاد الحق في إبراز الصورة الشاملة للإسلام، والذي أمر بالإعداد للقتال، وامتلاك أسباب القوة، والأمر بالجهاد، والصمود أمام العدو في المعركة، وإنزال أكبر الخسائر، والأضرار به، بل السبق بالتهديد بالحرب، حال توافُرِ ما يؤكد استعداد العدو للقتال، وهذا جزءٌ متمِّمٌ لصورة الإسلام، جنباً إلى جنب مع مبادئه السمحة، وتوجيهاته في قبول الآخر، والتعايش معه بسلم، ما دام الآخر لم يناصبنا العداء.

 

2. اختارت الفتوى تفسيرات النصوص القرآنية، بانتقائية لافتة، لتأكيد وجهة النظر التي يراها الشيخ جاد الحق، أو التي أرادها السيد الرئيس، واستخدم الشيخ جاد الحق في فتواه صيغة “لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ”، حيث استخدم آية “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِج إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”  إطلاقاً، دون عرض إجماع الفقهاء على تقييدها، برؤية مصلحة المسلمين في ذلك، أخذاً بقوله تعالى “فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ”،  كما ورد في فتوى الشيخ حسن مأمون، مفتي الديار المصرية الأسبق، التي أصدرها في 8/1/1956، بما يؤكد أن فتوى الشيخ جاد الحق صدرت دعماً، وتأكيداً لأحكام مسبقة؛ كما أن الشيخ جاد الحق، استشهد بآية في غير موضعها، حيث يقول الله تعالى: “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا”، وكأن “السّلم” مؤنث، بينما تعود “لها” إلى “القوة”، المذكورة في الآية السابقة عليها، “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ…”؛ أي أن “القوة” هي أول مؤنث مذكور قبل “لها”.

 

3. تضمَّنت الفتوى أحداثاً من السيرة، والتاريخ الإسلامي، وأنزلتها منزلة الدليل الشرعي، في حين أنها أحداث لا تمتّ بصلة، أو شَبَه، مع القضية المستَفْتَى عليها، كالحديث عن العلاقات الاقتصادية للنبي صلى الله عليه وسلم، مع يهود المدينة، والمعاهدة معهم على التشارك، في مواجهة أي اعتداءٍ، على الرغم من أن هذه المعاهدة لا تتفق مع واقع الأحداث، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن في حالة حرب مع اليهود، عند هجرته إلى المدينة، ولم يكونوا قد اغتصبوا أرضه، وقتلوا أهله. كذا استدلوا بـ”صلح الحديبية”، الذي عقده الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين، كدليل شرعي على جواز الاتفاق، دون الأخذ في الاعتبار “فارق لا بدّ من رعايته، وهو أن مكة كانت بلداً مشتركاً بين المؤمنين والمشركين، ووطناً لهم أجمعين، بخلاف أرض فلسطين، فإنها مِلكٌ للمسلمين، وليس لليهود فيها حكمٌ، ولا دولة”، وذلك حسب ما أوردت لجنة الفتوى بالأزهر، في فتواها، بعنوان “الصلح مع إسرائيل لا يجوز شرعاً، والتعاون مع الدول المؤازرة لها لا يجوز شرعاً”، سنة 1956، ونحن نحارب الصهاينة، لأنهم احتلوا أرض العروبة، والإسلام، واغتصبوا حقوق أهلها، ضاربين عرض الحائط، بالحد الأدنى من حقوق الإنسان، ومستهترين بكل قرارات الأمم المتحدة، التي وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودانت الصهيونية، وكيانها.



4. تحدثت فتوى جاد الحق بلغة كهنوتية، لا تتوافق مع ما هو مستقر في أصول الإفتاء، من أن الفتوى تمثل اجتهاداً لعالِمٍ، أو مؤسسة شرعية (مَجمَع فقهي)، فاستخدمت كلمات، مثل “هذا حُكم الله، أنزله إلينا”، و”ذلك حكم الإسلام في التعاهد، والمصالحة”، وحملت نقداً لاذعاً، واتهامات مجحفة، لمن انتقد معاهدات الإذعان من العلماء، ورأتهم قد تحدثوا “بما ليس حكماً لله تعالى، ولا لرسوله، وبما ليس نصحاً لله، ولا لرسوله، ولا لأئمة المسلمين، وعامتهم؛ إرضاءً للساسة، الذين لا يحتكمون إلى الله ورسوله”! ووصف جاد الحق العلماء المعارضين للتطبيع، بقول الله تعالى: “بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ”!

 

5. أسرفت الفتوى في إطراء الرئيس السادات، وامتداحه، وتغنَّت بحكمته، ورجاحة عقله، واستعرضت ما عدَّته “نظراته الثاقبة، الواعية للأمور السياسية، بأبعادها، الدولية والإقليمية”! ما خرج بالفتوى عن دورها الشرعي، في استبيان الأحكام الشرعية.


6. ساقت الفتوى قراءة مقتضبة مخلَّة لمعالم الصراع العربي – الصهيوني، حين قال جاد الحق: “وها نحن العرب قد اختلفنا مع اليهود، وقامت الحرب بيننا سنوات، ثم قامت لهم دولة، اعترف بها المجتمع الدولي”. وقد شملت تلك القراءة اعترافاً بدولة الكيان، ومن ثمَّ، تسليماً باحتلالها للأراضي العربية، فماذا تبقى في الصراع، بعد اعتراف المفتي بقيام دولة الكيان الصهيوني، على الأرض العربية المغتصَبة؟!

 

7. خرجت فتوى جاد الحق، مشتملةً على جملة من التناقضات، سيقت في طيِّها أحكام، ومبادئ، لا تتماشى مع روح الإسلام، ولا تتوافق مع القواعد الأصولية، في الإفتاء، والتي تستلزم الإلمام بالمسألة المستَفتَى عنها، ودراسة أبعادها، وفهم النصوص، والأدلة، في إطار المقاصد الكُلية للشريعة الإسلامية، مع إدراك مآلات الأمور، ونتائجها؛ فتحدثت الفتوى عن حروب عدة، خاضها العدو معنا، وما تلاها من توقيع معاهدات، واتفاقات هدنة، لم يلتزم بها الكيان الصهيوني! بما يهدم، في طياته، لبَّ الفتوى، وفحواها، إلا أن المفتي تغافل عن ذلك كله، بل أسرف في عرض وجوب الالتزام بنصوص الاتفاق، وتحريم مخالفته.

 

كذا، استعرضت الفتوى، في لغة اعتزاز، وفخر، نصر أكتوبر، وما حققه من خسائر في صفوف العدو، ثم عرضت، بعد ذلك، “إلى جواز قبول بعض الضيْم”، إن كان فيه مصلحة للأمة! فكيف انتصرنا في حرب أكتوبر 1973، ثم يكون علينا أن نتحمل الضيْم؟ وعن أي ضيْمٍ يتحدث فضيلة الشيخ جاد الحق؟!

 

8. رفعت الفتوى من شأن الاتفاقيات الموقَّعة إلى مكانة، جعلت مجرد الغضَّ من شأنها، أمراً محرَّماً، “لا يليق بمسلم، لأنه بخسٌ للحق” وهذا عسف، وقمعٌ للرأي الآخر، لا يليق بفتوى عالم أن تشتمله.


9. على الرغم مما ساقته الفتوى، تحت عنوان “أُسس المعاهدات في الإسلام”، واختصرته في ثلاثة شروط، فإن الشيخ جاد الحق لم يسعَ إلى قياس تلك الشروط على نصوص الاتفاقيات الموقَّعة، وملحقاتها، ولم يناقش مدى قُرب، أو بُعد تلك الاتفاقيات من شروط، وأُسس التعاهد في الإسلام، بل ساق جملاً إنشائية، فضفاضةً، ليؤكد ما هو مقرَّر سابقاً، بأن الاتفاقيات تتوافق وأحكام الإسلام، فقال: “إذا عرضنا اتفاقية السلام، بين مصر، و(إسرائيل)، على قواعد الإسلام، التى أصَّلها القرآن، وفصَّلتها السُنَّة، وبيَّنها فقهاء المذاهب جميعاً، على نحو ما أجملنا الإشارة إليه، نجد أنها قد انطوت تحت لواء أحكام الإسلام”! مستطرداً، بأنه “حين نستعرض نصوص اتفاقية السلام، وملحقاتها، وعرضها على القرآن، والسُنَّة، لا نجد فيها ما ينأى بها عن أحكامهما، إذ لم يتضيَّع حقاً، وما أقرَّت احتلال أرض”!


10. تغافل المفتي عن كوْن “معاهدة السلام” جرت، وأسباب عداء الأمة للصهاينة لم تنتهِ، حيث ما يزالون يغتصبون الأرض، ويقتلون أبناءها، ويهدمون منازلهم.

 

على الرغم من عدم إعلان الشيخ جاد الحق تراجعه عن تلك الفتوى، لاحقاً، فإنه، قد أصدر بيانات تنديد، وفتاوى، دعت المسلمين لحماية المسجد الأقصى، حين صار جاد الحق شيخاً للجامع الأزهر، ومع تصاعد أحداث العنف الصهيوني، ضدّ أصحاب الأرض، الفلسطينيين، وفي سنة توقيع اتفاق أوسلو، بين الكيان الصهيوني وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، رفض الشيخ جاد الحق، شيخ الأزهر، وقتها، استقبال الرئيس الصهيوني عيزر وايزمان ، في أثناء زيارته للقاهرة، كما أعلن الشيخ جاد الحق رفضه لزيارة القدس، وهي تحت الاحتلال الصهيوني، حيث صرح بـ”إن من يذهب إلى القدس من المسلمين آثم، آثم. والأولى بالمسلمين أن ينأوا عن التوجُّه إلى القدس، حتى تتطهر من دنَس المغتصبين اليهود، وتعود إلى أهلها مطمئنة، يرتفع فيها ذِكر الله، والنداء إلى الصلوات، وعلى كل مسلم أن يعمل، بكل جهده، من أجل تحرير القدس، ومسجدها الأسير”.


لم يخرج الشيخ محمد متولي الشعراوي، في فتواه المؤيدة للتطبيع، وتوقيع “معاهدة السلام” مع الكيان الصهيوني، عما سبق أن طرحه جاد الحق في فتواه، فقد استند الشعراوي إلى أن قبول الكيان الصهيوني لمبادرة السادات، هو بمثابة جنوحٌ للسّلم، مما يوجب على المسلمين التعاطي مع ذلك، بالإيجاب! ومضى الشعراوي في الدفاع عن فتواه، بعد مرور عقد من الزمان، ليؤكد أن سبب تأييده هو “أننا، أي المصريين، منذ عام 1948 غرقى، وهناك من يتفرج علينا، فقط، فلم نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، بل على العكس، كل عام في النازل أكثر”.  وهل كان الشيخ الشعراوي يجهل بأن الدول العربية إنما خاضت حروبها ضدّ الكيان الصهيوني، وعياً منها بأنها تقاتل من أجل قضيتها هي، وليست بديلاً عن الشعب الفلسطيني، لأننا أمام قضية واحدة، وأمة واحدة، في مواجهة عدوٍ واحد، حيث كان مكشوفاً للقاصي، والداني، بأن الأطماع الصهيونية هي “من النيل إلى الفرات”، وإن اتسعت، بمساعدة المطبِّعين من حكام العرب، حتى صارت “من المحيط إلى الخليج”!

 

وقال الشعراوي، عن رأيه في قرار السادات، بتوقيع المعاهدة مع دولة الكيان: “يكفي أننا، الآن، نحاول أن نصل إلى ما كان يفعله، فلا نستطيع، فكل أمنيتهم ]الفلسطينيين]، الآن، أن يجلسوا مع اليهود… والسادات قد حقق لهم هذا، من زمان، في مباحثاته في مينا هاوس.  ويكفي أن ياسر عرفات يقول، الآن: يا ريت اللي كان أيام السادات يحصل دلوقتي”؛  ولا ندري أين قال عرفات ذلك، ويبدو أن الشيخ الشعراوي لم يطلع على مذكرات إلياهو بن أليسار الذي تولى رئاسة اللجنة الفنية المرافقة لبيغن، في محادثات فندق مينا هاوس ، وقد نشرت هذه المذكرات يومية صهيونية، وفيها ذكر بن أليسار بأنه، حين ركب الطائرة مع الوفد الصهيوني إلى مصر، أفهم أعضاء هذا الوفد، بأن مهمتهم الأولى هي جذب أكبر عدد ممكن من الدول العربية إلى محادثات مينا هاوس. وبعد أن وصل إلى الفندق المذكور، أتى إليه أحد أعضاء الوفد الصهيوني، وهمس في أذنه، فأرغى بن أليسار وأزبد؛ ما جعل نظيره المصري، عصمت عبد المجيد، يتصل به، هاتفياً، ويسأله عن سرّ غضبه، فيرد عليه بن أليسار بأنه عثر على عَلَم منظمة التحرير الفلسطينية، على مائدة المحادثات؛ ردّ عليه عبد المجيد، من فوره: “إرفع هذا العَلم، وما شئت من الأعلام العربية عن الطاولة”. ما يعني أن منظمة التحرير لم تكن مدعوة، ولو افترضنا بأن أياً من الفلسطينيين حضر، وادعى تمثيل الشعب الفلسطيني في هذه المحادثات، فإن السادات لا يملك ضماناً لرد الحقوق الوطنية الفلسطينية إلى أصحابها، بل كان كل ما يأمله هو أن يَسحب البساط الفلسطيني من تحت أقدام الأنظمة العربية، التي قاطعت السادات، وعاقبت نظام حكمه، على ما اقترفه رئيس هذا النظام، وذلك في حال حضور أي فلسطيني هذا اللقاء.

إرسال تعليق

0 تعليقات