آخر الأخبار

الجمهورية الثالثة !! ملك وحرامى (8)

 

 




 

نصر القفاص

 

مات "الملك فؤاد" وترك تركة زراعية قوامها 49300 فدان.. تسعة وأربعين ألف وثلاثمائة فدان!

 

كان نصيب "الملك فاروق" منها 15400 فدان – خمسة عشر ألف واربعمائة فدان – فقرر بعد جلوسه على العرش التنازل عن 2000 فدان – ألفى فدان – للملكة "فريدة" ليبقى له 13300 فدان عام 1937.. ولما كتب وثيقة تنازله عن الحكم بعد "ثورة 23 يوليو" تم حصر أملاكه الزراعية.. كانت قد بلغت 96 ألف فدان – ستة وتسعين ألف فدان – مسجلة باسمه.. إضافة إلى 100 ألف فدان – مائة ألف فدان – حصل عليها بأكثر من "نطق سامى" من أراضى الأوقاف.. عرضها الشيخ "على عبد الرازق" على رئيس الوزراء حينها.. محمود فهمى النقراشى.. وتشمل: "وقف شاوة" ومساحته عشرة آلاف فدان.. و"وقف قولة" الذى تبلغ مساحته أكثر قليلا من ثلاثة وعشرون ألف فدان.. ثم استولى على أوقاف "الوادى" و"المنتزة" التى تضم كل ضاحية "المعمورة" فى الإسكندرية بامتدادها حتى "أبو قير" كما استولى على وقف كان مسجلا باسم "حفيظة الألفية" التى كانت قد قدمته وقفا لصالح معاهد العلم ومعهد الصحراء والجمعية الجغرافية!!

 

بدأ "الولد الذى حكم مصر" مسيرته المظفرة فى الحكم.. مالكا أكثر من ثلاثة عشر ألفا من الأفدنة!!

 

ترك "كرسي العرش" ومصر.. وأملاكه تتجاوز مائة وستة وتسعون ألفا من الأفدنة!!

 

كانت تلك هى الأراضي التى استهدفها "قانون الإصلاح الزراعى" إضافة إلى بضع آلاف أخرى كان قد تسابق على نهبها ونهشها أمراء العائلة المالكة, والذين يدورون فى فلكهم!

 

الأرقام لا تكذب.. الوثائق محبوسة ومخنوقة!!

 

كذبة أن "قانون الإصلاح الزراعي" فتت الأراضي الزراعية.. تحولت إلى اسطوانة لا يكف "خدم الملكية والاستعمار" عن ترديدها.. هم يعملون بما صاغه "جوبلز" وزير دعاية "هتلر" القائل: "أكذب ثم أكذب حتما سيصدقك أصحاب العقول الفارغة"!!

 

كل ما تم نشره عن القانون وأسبابه وفلسفته.. تم دفنه!!

 

لكن الحقيقة لا تموت.. والحقيقة تقول أن 61 مالكا فقط كان يملك كل منهم أكثر من ألفى فدان, على رأسهم "الولد الذى حكم مصر" واسمه "فاروق" وكانت ملكياتهم تبلغ 277,208 ألف فدان – مائتى ألف وسبعة وسبعين, ومائتى وثمانية آلاف فدان – يملك منهم "فاروق" أكثر قليلا من 196 ألف فدان!! وكان هناك 28 مالكا, لكل منهم أكثر من ألف وخمسمائة فدان.. ومجموع ملكيتهم يبلغ 97,404 ألف فدان – سبعة وتسعين, وأربعمائة وأربعين ألف فدان – كما كان هناك 99 مالكا يملك كل منهم أكثر من ألف فدان, ومجموع ملكيتهم 122,216 ألف فدان – مائة واثنين وعشرون ومائتى وستة عشر ألف فدان.. وكان هناك 92 مالكا, لكل منهم 800 فدان.. ومجموع ملكية هؤلاء 86,473 ألف فدان – ستة وثمانون وأربعمائة ثلاثة وسبعين ألف فدان – أى أن 280 مالكا كانوا يملكون 583,400 ألف فدان – خمسمائة وثلاثة وثمانين وأربعمائة ألف فدان – أما الملكيات التى تتجاوز مائتى فدان, فكان عدد أصحابها 2115 مالكا.. وهؤلاء كانوا يملكون 1,208,493 فدان – مليون ومائتى وثمانية وأربعمائة ثلاثة وتسعون ألف فدان!

 

من هنا يمكننا أن نضع خطا أحمر!

 

هؤلاء الذين استهدفهم "قانون الإصلاح الزراعى" وترك لكل مالك فيهم مائتى ألف فدان.. وهذا معناه أن القانون استهدف 2395 مالكا.. أى الفي وثلاثمائة وخمسة وتسعون شخصا!!

 

التعتيم على الحقائق والأرقام.. تشويه الحقائق.. الكذب ثم الكذب كثيرا.. كل هذا جعل آلاف وقد يكون ملايين, يرددون كالببغاوات أن "الإصلاح الزراعى" كان سبب تفتيت الملكية وخراب الزراعة.. بالتأكيد أن من يعلمون هذه الحقائق, يدهشهم أن يسمعوا هذا من رئيس وزراء جاهل أو وزير ثقافته لا تتجاوز حدود الكتب التى درسها وهو طالب.. أما "رجال المال" الذين يمثلون "الإقطاع الجديد" فهم ينفقون الملايين للمحافظة على استمرار تشغيل "إسطوانات الكذب" منذ أن بدأ إنتاجها مع إطلالة "الجمهورية الثانية" التى استمرت لأكثر من نصف قرن!!

 

مازالت هناك أرقام يجب أن نذكرها.. وثمن ذكرها قد يكون فادحا!!

 

قبل "ثورة 23 يوليو" وقبل تطبيق "الإصلاح الزراعى" كان هناك 2,308,951 شخص – مليونين وثلاثمائة وثمانية ألف وتسعمائة وواحد وخمسين – لا يملك كل منهم أكثر من فدانين.. ومجموع ملكيتهم 1,230,062 فدان – مليون ومائتى وثلاثون واثنين وستون فدان – كما كان هناك مليونى مالك, وكل منهم يملك أقل من فدان!!

 

كل هذه الحقائق كتبها ونشرها "أنور السادات" نفسه فى كتابه "أسرار الثورة المصرية" فى عام 1957.. وكتب عن "عبد الناصر" فى كتابه "يا ولدى هذا عمك جمال" ما لا يقدر – ولم يقدر – أن يقوله عنه أولاده!! وبعد أن أصبح رئيسا رفع شعار "أخلاق القرية" وأكثر من الحديث عن "الحقد الذى لا يبنى" وراح يتحدث عن كارثة "حرب اليمن" متجاهلا أنه كان الأعلى صوتا فى المطالبة بالذهاب إلى نصرة شعب اليمن ضد الجهل والتخلف.. وتناسى مؤسس "الجمهورية الثانية" أنه كان عضوا فى معظم المحاكم الثورية التى أصدرت أحكاما ضد الذين اختارهم كحلفاء فيما بعد عندما أصبح رئيسا!!

 

إعتقادى فى أن "الجمهورية الثانية" تلفظ أنفاسها الأخيرة.. جعلنى أطرح حتمية الذهاب إلى "الجمهورية الثالثة" وهذا لا يمكن أن يحدث دون مراجعة صادقة وأمينة وعلنية, لما حدث فى مصر بعد "ثورة 23 يوليو" دون أن أنكر – بل لكى أؤكد – هدفى بأننى أجتهد وأحاول مخلصا دق ناقوس الخطر من استهداف "المؤسسة العسكرية" ككيان.. ولا أنكر أخطائها منذ أن حررت مصر من الاستعمار والعبودية والجهل والتخلف.. فقد كان "عبد الناصر" حاكما وكذلك كان "أنور السادات" والذين بعده.. ومراجعة كل هذا التاريخ بمراحله وتطوراته لا أنظر إليها من زاوية رؤية أعداء هذا الوطن وتلك الأمة, القائمة على ما يسمى "الحكم المدنى" و"الحكم العسكرى" لأن هذه الزاوية لا ينظر منها غير "خدم الملكية والاستعمار"!!

 

نعود إلى "الإصلاح الزراعى" الذى خدعوك فقالوا أنه "فتت الرقعة الزراعية" وكان سبب "خراب مصر" لتمهيد الطريق نحو عودة "الإقطاع" وقد حدث.. كما خدعوك بزعم أن القطاع العام" كان بؤرة فساد وأنه سبب تخلف البلاد.. ثم يذهبون بك إلى أن "الاتحاد الاشتراكى" يمثل السبب الحقيقى فى قتل الديمقراطية.. وصولا إلى محطتهم الأخيرة بتركيز الهجوم على "اقتصاد الجيش" وكل هذا له ظل من الحقيقة.. لكنه مجرد "ظل" أما الحقيقة التى أصبحت واضحة كالشمس فى شهر أغسطس, هى أن مخطط تحطيم وطن وتدمير أمة قد وصل إلى الذروة وقمة المأساة!!

 

لا تشغلنى التفاصيل التى تأخذنا إلى "زمن التريند" كما يقولون!!

 

لا يهمنى "أراجوزات" احتلوا شاشات.. أو يشغلون مواقع وزارية..

 

ليس مهما الخلاف على من حمل أو يحمل صفقة "عضو مجلس النواب" لأن الأمر تجاوز كل ذلك!!

 

أين وصلنا؟! وإلى أين نمضى؟!

 

تلك هى الأسئلة التى لا يملك إجابتها غير "الصامتون"

 

و"المبعدون"!!

 

لا أستطيع الإجابة, لأن الذى يملكها هو هذا الشعب الذى يدرك قيمة الجغرافيا ويعرف أن له تاريخ.. والإجابة يستطيع اجتهادا المشاركة فيها أساتذة "علم الاجتماع" إلى جانب "نخبة جديدة" تتشكل عبر "مواقع التواصل الاجتماعى" أتابع السذج منهم, كما أتابع طلائعهم المستنيرة التى تقدم مؤهلات فهم ودراسة ووعى.. لكنها لا تجد مناخا يحرضها على "التنوير" وشحن "بطاريات الوعى" بمعناه الصحيح والدقيق!!

 

إمتلكت مصر فى عز "العتمة" عقولا دفعت أثمانا فادحة لصنع "التنوير" كان بينهم "طه حسين" الذى درس وعلم وفكر وجاهر برأى.. كان مبدعا واستمر حيا حتى وقتنا هذا.. وكان منهم الشيخ "على عبد الرازق" الذى واجه ملكا ووزارة ومجلس نواب, ورفض رفع "الراية البيضاء".. وعندما انتصر وأصبح وزيرا عاود الكرة وتحدى الملك, إنتصارا للوطن وقدم استقالته رافضا "التدليس" ومضى إلى حال سبيله.. ومازلنا نذكر "عباس محمود العقاد" صديق "سعد زغلول" الذى هاجم "الوفد" بضراوة.. ولا يمكن أن ننسى "إحسان عبد القدوس" الذى تربى وسط الطبقة الثرية وكانوا يسمونها "مخملية"!! وأستطيع أن أذكر – وأكتب – أسماء المئات من أبناء هذه الأمة من "زمن رفاعة الطهطاوى" فى عز قوتها, وعاش ليراها تأخذها سكرات السقوط.. كما حدث مع "أحمد عرابى" والإمام "محمد عبده" إلى آخر قائمة تدعونا للفخر بما كنا عليه.. حتى فى "عز العتمة"!!

 

نحن نعيش زمنا صعبا بكل معنى الكلمة!


 الجمهورية الثالثة !! بذرة التوريث (7)


نرى بين نجوم الساعات الأخيرة من "الجمهورية الثانية" بعضا من الذين يمشون تحت "لافتة عبد الناصر".. ونراهم ترعرعوا فى ظل "أنور السادات".. وقاتلوا دفاعا عن "حسنى مبارك", ثم قدموا أنفسهم خدما للمجلس العسكرى بعد "25 يناير 2011" الذى يسميه الدستور "ثورة".. وهم الذين حاولوا استرضاء "جماعة الإخوان" وحاولوا الفوز بفرصة لدى "محمد مرسى" وصولا إلى أنهم أصبحوا "نجوم المرحلة" عندما أصبح "عبد الفتاح السيسى" رئيسا.. أمثال هؤلاء أوشكوا على فرض اليأس والاستسلام على بعضنا.. وهؤلاء يشعلون نار الغضب داخل نفوس ملايين الشباب.. لا أستهدف أحدا بعينه, لأنهم كثر.. لا أبحث عن طريق للتخلص منهم, لأنهم يجيدون التلون والمزايدة.. تقاضوا الملايين لصنع حالة ارتباك مذهلة!!

 

لا أزعم أننى أدافع عن "ثورة يوليو" وزعيمها وقائدها "جمال عبد الناصر" لأننى أعلم أن هذا طريقا شديد الوعورة.. إضافة إلى أن ثمنه يتجاوز وصفه بأنه فادج.. لكننى أحاول التفكير بصوت عال عبر ما تيسر من "تكنولوجيا" جعلت ما نسميه "التواصل الاجتماعى" طاقة أمل ونور.. ولإيمانى بأنها "طوق النجاة" وقد تكون سبيلنا إلى "الغرق"!!

 

يأخذنى "محمد فريد" كأحد زعماء هذه الأمة – وله أخطاؤه – حين قال: "على الشعراء أن يقللوا ويقلعوا عن نظم قصائد المدح فى خدمة الأمراء والأغنياء وتملقهم.. فالحكام والأغنياء زائلون والأمة باقية" وقد مضى على ما قاله أكثر من قرن.. كما يأخذنى الدكتور "حسين مؤنس" حين تحدث عن "المسلم القاهرى", وخلال رؤيته تحدث مطولا عن ثلاث نساء – ملكات – كن هن: "حتشبسوت" و"كليوباترا" و"شجرة الدر".. وكل هؤلاء لا تعرف غير أسمائهن وزيرات إحداهن تشغلنا بشائعات حول فسادها, وأخرى شغلت الأمة بجريمة ابنها!!..

 

 

يتبع

 

إرسال تعليق

0 تعليقات