آخر الأخبار

النموذج علىٌ... ( 5)

  

 



محمود جابر

 

 

على بن أبى طالب هذا النموذج الذي عاش عمرا مطابقا لعمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورحل من الدنيا بجسده؛ المادي، لكنه. ما يزال ينبض حياة فينا، وحينما أقول فينا، لا قصد قطاعا من البشر، ولكن قصدت أنه مايزال يمثل أنموذجا للجميع، على اختلاف ألوانهم وألسنتهم فى كل المناحى المعرفية، والروحية، والقيمية، والحقوقية، وفى إدارة الدولة، وهذا ما لمسه الإمام الشافعى وهو يصف الإمام على....

 

يقول الإمام الشافعي: "ماذا أقول في رجل أخفى أولياؤه فضائله خوفا، وأخفى أعداؤه فضائله حسدا.. وشاع له ما بين ذين ما ملأ الخافقين".

 

إن علي بن أبى طالب امتلك تميزا وسموا وحضورا، جسد فيه المسلم الحق. المسلم طفلا، والمسلم شابا، والمسلم زوجا، والمسلم متعلما، والمسلم مطيعا، والمسلم متصدقا، والمسلم مجاهدا، والمسلم زاهدا، والمسلم مظلوما، والمسلم مستشارا، والمسلم حاكما.

 

وإذا كان الإسلام قام فى المقام الأول على شخصية النبي محمد صلى الله عليه وآله، فإن النبي محمد  صلوات الله عليه وآله مثل للمسلمين مثلا حيا يأكل ويشرب ويعيش بينهم وهو مثلهم ولكن الفرق انه رباه حتى يقدمه للناس أنموذجا حيا .

 

ولهذا ومهما كان احترامنا واحتفائنا بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله، بيد أنه من الظلم الكبير، أن نضع هذا النموذج فى مقارنة مع غيره من أهل زمانه – الصحابة الميامين، فلا أحد منهم تربى فى حجر النبى، ولا أحد منهم صلى مع النبي طفلا، ولا أحد منهم صاحب النبي صبى وفتى، ولا احد منهم، كان فتى الإسلام ... فلا فتى إلا على...

 

ناهيك عن أنه زوج الزهراء بضع النبى وأم أبيها، وهو أبو الحسن والحسين، سيدان قاما أو قعدا، وسيدا شباب أهل الجنة، فكان أبوهما خيرا من هما.

 

بيد ما يميز النموذج هو – أى نموذج- هو العدل والإنصاف، فعل الرغم من أنه ابن الارستقراطية القرشية، وابن الارستقراطية الهاشمية، إلا أنه عاش حياة شديدة التقشف لا يعمل فى عمل ولا يمتهن مهنة يتكسب منها إلا ما يسد رمقه، ويقيم أوده، ويصلب عوده، حتى حينما تزوج لم يقدم من المهر إلا  ما قل!!

 

وحتى بعد زواجه من الزهراء، استمر فى عيشة الزاهدين طوال حياته، ومع ذلك يتصدق بكل ما يملك وإن بات جائعا، عاش لا يلبس إلا ثوبا واحدا، ولا يمتلك إلا نعلا واحدا، يرتقه بنفسه حياء من الاسكافي فلم يعد النعل يحتمل الرتق، ومع ذلك يرتقه ولا يبدله!!

 

حكم وعاش زمانا حاكما ولكنه مات ولم يترك من دنياه شيئا.

 

فكان شديد العدل مع نفسه، ومع زوجه، ومع ولده، ومع أهله وعشيرته، ومع أصحابه، وحتى مع أعداءه.

 

إن الإمام النموذج وبحق؛ شخصية لا نظير لها، بالمفهوم المطلق. فقد كان عالما، ومفكرا، وشاعرا، وحكيما، وبليغا، وفصيحا، وفيلسوفا، وزاهدا، وفارسا مقداما يهابه الفرسان، بل تهابه الجيوش المجيشة..

هذا ما وثقته كتب التاريخ، والأدب، وكتب المستشرقين، فلم يستطع احد إن ينال من هذا المقام العلى، ولا أن يبلغه...  لأنه النبي أراده نموذجا... وقد كان ..


وللحديث بقية..


النموذج علىٌ... ( 4)


إرسال تعليق

0 تعليقات