نصر القفاص
يسخر التاريخ من
الذين لا يحترمونه ويقدرونه!!
كان "أنور
السادات" متهما قبل "ثورة 23 يوليو" فى قضية اغتيال "أمين
عثمان" أحد وزراء حكومة "الوفد" البارزين – وزير المالية – وكان
سبب اغتياله أنه قال: "بين مصر وبريطانيا زواج كاثوليكى.. لا يعرف
طلاق"!! وبعد أن أصبح رئيسا قال المعنى نفسه بإعلان أن: "99 بالمائة من
أوراق اللعبة بيد أمريكا" واستحق أن يغير "هنرى كيسنجر" رأيه فيه
من أنه "مهرج وبهلول" إلى أنه "زعيم عظيم" بعد تحوله إلى
"صديقى كيسنجر"!!
تعاقب الحياة أولئك
الذين ينقلبون على أصلهم وجذورهم!!
كان "أنور
السادات" ابن فلاح – وله الشرف – لكنه أدار ظهره للفلاحين.. وكان أول أمين
عام للاتحاد القومى, الذى تطور إلى "الاتحاد الاشتراكي" واستمر عضوا فى
لجنته المركزية طول الوقت.. وبمجرد أن أصبح رئيسا رفع شعار تطويره, كمدخل لذبحه
وإعادة الأحزاب على الطريقة القديمة, أيام الملكية.. وأعلن أن جريمة "زمن
الجمهورية الأولى" كانت إلغاء التعددية والتخلص من الأحزاب.. بعدها انقلب على
التعددية بالالتفاف عليها, وترؤسه "الحزب الوطنى الديمقراطى" كنسخة
مشوهة ورديئة من "الحزب الواحد" حتى سقط حزبه مع خليفته – حسنى مبارك –
محروقا!!
شارك "أنور
السادات" فى محاكمات "جماعة الإخوان" بعد محاولتهم اغتيال
"جمال عبد الناصر" كأحد قضاة محكمة الثورة.. بعدها فرض سخرية القدر
بإعطائهم "قبلة الحياة" متحالفا معهم.. فى نهاية حكمه اعترف بوضوح
وصراحة أمام "مجلس الشعب" قائلا: "أنا غلطان.. دول مكانهم
السجون" ليدفع الثمن فادحا عبر واحدة من "الجماعات المفقوسة"
عنهم.. فى ذكرى يوم انتصار مصر بقيادته!!
ذهب "أنور
السادات" إلى "موسكو" حاملا دعوة "عبد الناصر" إلى
الزعيم السوفيتى "خروشوف" لكى يشارك فى الاحتفال بانتهاء المرحلة الأولى
من مشروع "السد العالى" وسمع منه قوله ضاحكا: "لا أضمن أن يعتقلنى
عبد الناصر لأننى شيوعى"! ورغم ذلك لم يكف عن ربط "زمن الناصرية"
بالشيوعيين.. وكان يكرر قوله: "أنا رئيس مسلم.. لدولة مسلمة" ورفع شعار دولة
"العلم والإيمان" التى شهدت لقطة مصافحة المطرب العالمي "خوليو
اجلاسيوس" للسيدة "جيهان السادات" على الطريقة الغربية!!
حرم "أنور
السادات" مصر من نص الدستور على أن الرئيس لا يحكم غير دورتين فقط.. ليستفيد
من تعديل الدستور "حسنى مبارك" فاستمر يحكم نحو ثلاثين عاما!! ورغم أنه
ذهب إلى "السلام" فقد أقدمت إسرائيل على ضرب المفاعل النووي العراقي..
وبموجب رخصة "السلام" أقدمت على اجتياح "بيروت" وشن غارة على
"تونس" وصولا إلى إعلانها أنها تقود المنطقة العربية, وتتفاخر بأنها
صاحبة الكلمة العليا فى الشرق الأوسط برعاية "الصديق الأمريكي" الذى
يعانى صدمة حلفائه فى "الخليج" بقيادة "سعودية" تجرأت على
مواجهة "بايدن" بمجرد عودة "الدب الروسى" يصرخ.. فى تكرار
لزئير الأسد يوم إعلان تأميم قناة السويس!!
ضاع من عمر مصر نصف
قرن.. لنشهد الاحتكار والرأسمالية برعاية غربية, يمارسون "لعبة عض
الأصابع" التى كادت تتحول إلى "تكسير عظام" لمجرد أن "القطاع
العام" تمت تصفيته.. وأن الزراعة تعرضت لضربات قسمت ظهرها.. إلى جانب هدم
أعظم وأكبر وأخطر إمبراطورية إعلامية.. مع تعمد أن تصاب "الثقافة" بمرض
فقدان المناعة.. فقد ضاعت زيادة الإنتاج وعدالة التوزيع.. فوجئ الشعب أنه خسر كل
شىء, لحظة غروب شمس "الجمهورية الثانية" حين أعادت "التنمية
المستدانة" التى يطلقون عليها تدليلا "التنمية المستدامة" كبديل
لسياسات "الاستقلال الوطنى" التى أخذت بها "الجمهورية الأولى"
ورفعت بها رايات مصر خلال فترة قصيرة فى عمر وطن وشعب!!
يلاعبنا "ولاد
أمريكا" بالزعم أن "الجمهورية الأولى" كانت نمرا من ورق!!
يحاولون خداع التاريخ
والكذب علينا.. متجاوزين حقيقة تقول أن الضربة من الداخل أخطر كثيرا من ضربات
الخارج.. يمارسون تجويد الخداع باتهام الذين يدافعون عن "الجمهورية
الأولى" بأنهم مرضى.. استمتعوا بتعذيب الذى سجنهم!! لأنهم لا يعرفون معنى
"فضيلة الوطنية" لمجرد ارتدائهم "حرير التطبيع" فى رحلات الحج
إلى "واشنطن"!! وبرهانهم أنهم وزراء ونواب وخبراء إستراتيجية, وتمكنهم
من قيادة قارب "الحوار الوطني" الذى لا يختلف عن "نورماندى
تو" فى فيلم "ابن حميدو" مع الاعتذار للفنان المبدع "عبد
الفتاح القصرى"!!
صدر عن "دار
المستقبل العربى" كتابا رائعا عنوانه "ثورة 23 يوليو.. قضايا الحاضر
وتحديات المستقبل" يحمل نتيجة أعمال محاكمة علنية – فى صورة ندوة – لزمن
"الجمهورية الأولى" وشارك فيها عشرات من مفكرى وعلماء العالم العربى..
حمل كل ما لها وما عليها.. شارك فيها بفاعلية "ولاد أمريكا" الذين نالوا
حقهم فى قول كلمتهم.. سمعوا صوت الحقيقة يجلجل.. عجزوا عن "تزوير
التاريخ" عند المواجهة, فتم تكليف "حانوتية الثقافة" بدفن الكتاب
كما غيره!! ودون ذكر أسماء, فإن الذين اتهموا "الجمهورية الأولى" بأنها
كانت ضد "الديمقراطية" ذاقوا طعم السجون فى زمن "الجمهورية
الثانية" الديمقراطي.. ولم تشفع لهم "ماما أمريكا" الداعمة
للدكتاتورية إذا حققت مصالحها.. فهى "أمريكا" التى رفعت
"السادات" إلى عنان السماء, باعتباره صاحب نظرية "الديمقراطية لها
أنياب" قبل أن نصل إلى "ديمقراطية الديناصور" الذى يقتل فى
"إسطنبول" ويعاير "ماما أمريكا" بأنها ارتكبت جرائم فى سجن
"أبو غريب" وتحاول التغطية على اغتيال "شيرين أبو عاقلة"
ليشرب الرئيس الأمريكي – بايدن – من كأس السم الذى وزعه مجانا على أنه مشروب وطنى!!
ضمن دفتى الكتاب ورقة
أعدها الدكتور "إسماعيل صبرى عبد الله" أحد وزراء "الجمهورية
الثانية" أستاذ علم الاقتصاد والتخطيط.. كان عنوانها "ثورة يوليو
والتنمية المستقلة" أستعرض خلالها نضال "الجمهورية الأولى" لتحقيق
التنمية والعدالة الاجتماعية.. وتناول – علميا – التمصير ثم التأميم والظروف التى
فرضت على قائد وزعيم "ثورة يوليو" أن يذهب إليهما.. ثم شرح مرحلة
التخطيط والتحول الاشتراكي, التى انحازت للفلاح والعامل والطالب.. أوضح كيف تحققت
مكاسب كثيرة لهم, برعاية القوات المسلحة التى تولت حماية هذه المكاسب.. وكيف تغير
وجه مصر الاقتصادى والاجتماعى!
ناقش ورقة البحث نخبة
زمن "الجمهورية الأولى" وخصومها!!
تحدث "على
صبرى" بعد خروجه من السجن.. والدكتور "عبد المحسن زلزلة" وقت أن
كان أمينا مساعدا فى جامعة الدول العربية – من تونس – والدكتور "يحيى
الجمل" الوزير ثم نائب رئيس الوزراء عندما ثارت مصر فى "25 يناير
2011" وكذلك "محمد فائق" الذى شغل منصب وزير الإعلام فى
"الجمهورية الأولى" ثم أصبح رئيسا للمجلس القومى لحقوق الإنسان فى خريف
"الجمهورية الثانية" والدكتور "لبيب شقير" رئيس مجلس الأمة
الأسبق.. والدكتور محمد محمود الإمام" ممثلا لصندوق النقد فى "أبو
ظبى" وتولى الدكتور "حسن نافعة" الهجوم الكاسح ضد "ثورة 23
يوليو" مع "أسامة الغزالى حرب" وتصدى لهما "معن بشور" من
لبنان والدكتور "مراد غالب" وزير الخارجية والإعلام المصرى الأسبق..
إضافة إلى المفكر "محمد عابد الجابرى" من "المغرب" وقائمة
طويلة من أساتذة الفكر العربى!!
الكتاب الذى أشير
إليه.. والذى دفنه "حانوتية الثقافة" أقرب إلى موسوعة!!
الندوة التى حمل
الكتاب تفاصيلها.. شارك فيها عشرات.. بعضهم رحل عن دنيانا بعد أن قالوا كلمتهم
وشهادتهم, وآخرين ندعوا لهم بطول العمر وأن يتحملوا "تجويد الصبر" لأنهم
يتابعون الحوار الوطنى الذى لا يختلف عن تدشين "نورماندى تو" فى حضور
"إسماعيل ياسين" وهو مشهد يصعب أن يغيب عن الذاكرة المجتمعية.. وقد
اخترت تلك الإشارة – المبتسرة – لكى أذكر أن أول محاولة جادة وحقيقية لحوار وطنى
فى مصر.. كانت فى نهاية عام 1961 وعنوانها "مؤتمر القوى الشعبية" لإعلان
قيام "الاتحاد الاشتراكي" وانتهى إلى صدور "الميثاق" الذى لم
يبق منه غير سخرية "جامعى أعقاب السجائر" من أمثال "أبو
حمالات" برعاية "الثرثار باشا" ومباركة أهم أدوات الإعلام فى
الدولة, وهى تعلم أنه يباهى الأمم بإطلاق النيران على من يسميهم "العسكر"!!
رحل "أنور
السادات" وترك منهجه ومعادلة حكمه.. تتحكم!!
تجاوزت
"الجمهورية الثانية" صدمة "يناير 1977" غير ما سبقها.. وغير
ما جاء بعدها.. لمجرد أن "ولاد أمريكا" تم تمكينهم بسرعة, ولأنهم أصبحت
لهم جذور خطفوا "ثورة 30 يونيو 2013" كما يسميها الدستور, وكان أملها
منع تمكين "جماعة الإخوان" دون إدراك أن أعضاءها من "ولاد
لندن" الذين تولت "إسطنبول" و"الدوحة" رعايتهم للتغطية
على فشل "ماما أمريكا" الذريع!!
فى "زمن الحرية
والديمقراطية" لا يقدر أمثالى على غير الغمز واللمز!!
أعلم أننى ابتعدت
قليلا عن الوضوح.. لكننى أراهن على ذكاء شعب يمكن أن يخدعه أكثر من حاكم.. لكنه
يقدر على أن يجعلهم يدفعون الثمن بأثر رجعى!! فهذا شعب وصفه الشاعر "جمال
بخيت" بأنه "عم بطاطا".. وأبدع فى تقديمها بصوته "على
الحجار" عندما ينفعل ويقول: "خمسين سنة.. دول فكة"!!
أصل الحكاية هو
"الاستقلال الاقتصادى" الذى اكتشفه الدكتور "محمد معيط" وزير
المالية!!
كل الحكاية هى
"القطاع العام" الذى تم تفويض "هشام توفيق" بإطلاق رصاصة
الرحمة عليه!!
الحكاية.. كتبها
"صلاح جاهين" ولحنها "كمال الطويل" ليغنى "عبد الحليم
حافظ" مع العمال والفلاحين "حكاية شعب" طلبوا منه أن يقولها من
البداية.. أجابهم: "هى حكاية حرب وتار.. بيننا وبين الاستعمار" وتدور
عجلات الزمن.. حتى شاهدت – لحظة كتابة هذه السطور – حفيد الذين حاربوا
"الجمهورية الأولى" يستعير ملابسها ويواجه "بايدن بابا" فخورا
بما تمت معاقبة "الشيخ إمام" و"أحمد فؤاد نجم" بالسجن عليه!!
يسخر التاريخ من الذى
لا يحترمونه ويقدرونه!!
مصر تاريخها حافل
بأبطال احترموا التاريخ. وانحنوا له تقديرا.. وحافل بأولئك الذين سخروا من
التاريخ.. شعبها حمل الذين احترموا التاريخ على أعناقه, وعاقب أولئك الذين يسخرون
من التاريخ بأشكال مختلفة.. لذلك سنجد أن "عبد الناصر" جاءه "كينيث
كاوندا" وقت أن كان رئيس وزراء زامبيا, وكان يستعد لإعلان استقلال بلاده فى
إطار رياح الاستقلال بمركزها فى القاهرة.. قال "كاوندا" للرئيس
"عبد الناصر" أنه ينوى تأميم مناجم النحاس فور إعلان الاستقلال.. فوجئ
بنصيحة غريبة من رئيس "الجمهورية الأولى" حين طالبه بألا يفعل!! ويقول
له أن التأميم ما لم يأت فى ظرف مناسب ووقت مناسب.. يمكن أن ينقلب إلى العكس..
يمكن أن يؤذى الشعب والقضية.. ففى هذا الوقت لا تملك "زامبيا" الخبرات
الفنية ولا الأموال اللازمة لإدارة المناجم.. إضافة إلى أن الشركات المالكة ستغلق
فى وجهه الأسواق.. هنا يصبح التأميم عبثا وعبئا ثقيلا.. عليك تمكين أبناء شعبك من
اكتساب الخبرات الفنية, لإدارة المناجم.. وبعدها تفكر فى جدوى التأميم!!
تذكرت الموقف لأننا
نعيش بسبب "حرب أوكرانيا" إعلان الرئيس الفرنسى – ماكرون – تأميم شركة
الكهرباء.. بعد أكثر من ستين عاما على تأميم "قناة السويس" لنرى ابتسامة
بلهاء على وجه القدر.. فقد حاربت فرنسا ضد التأميم عام 1956.. ونصح "عبد
الناصر" رئيس "زامبيا" بعدم تأميم مناجم النحاس وقتها.. ثم أقنعوك
بأنه كان مغامر.. وأن "الإصلاح الزراعى" فتت الأرض الزراعية.. وقالوا لك
"السد العالى منع السردين" ليصلوا إلى تحريضك على "القوات
المسلحة" بفتنة "المدنى والعسكرى" وهم يعلمون أن "عبد
الناصر" كان مدنيا حتى النخاع, وأن "قيس سعيد" أستاذ القانون
الدستورى عسكرى من شعر رأسه إلى أخمص قدميه!!..
يتبع
0 تعليقات