آخر الأخبار

مصر التى لم نعرفها والقرآن الذى لم نقرأه (7)

 

 

 




 

محمود جابر

 

 

بدون إرساء منهج للأحداث لن نستطيع لا قراءة التاريخ ولا كتابته، ولا الاستفادة منه؛  و سوف ندور فى فراغ وفى جزر منعزلة لن نخرج لا بمنهج ولا بمعرفة ...

 

هذا الذى حاولنا خلال الحلقات الماضية أن نؤكد عليه فى قصة موسى عليهم السلام، حيث يحلوا للبعض أن يرى أن موسى نبيا جاء إلى المصريين وكلم فرعون – المصري- وان الفراعين – حكام مصر- نموذجا فى الغلو والكفر والتكبر والحبروت ....

 

وجدير بالذكر ان المصريين عرفوا الكتابة فى بداية تاريخهم الحضاري قبل الميلاد بعدة قرون، وبالرجوع إلى المسجل فى البرديات او المعابد المصرية القديمة لن نجد ثمة ما يدل على وجود لا موسى ولا فرعون ولا كل هذه الأحداث التي يحكيها القرآن، مما جعل الناس أمام هذا الحدث ينقسموا إلى ثلاثة أقسام :

 

الأول : نفى وقوع خذا بالمطلق وشكك فى القرآن وكل الكتب المقدسة .

 

الثاني : قال ان القصص القرآنية قصصا رمزية

 

الثالث : قال ان الجغرافيا القرآنية غير الجغرافيا التى نتعامل معها الآن .

 

هذا التيه المعرفى يرجع لأسباب منها: غياب المنهج الاستقرائي فى رصد الحدث، وهذا الغياب تم صنعه بحرفية فائقة من خلال الإسرائيليات التى عملت على بعثرت اى منهج للقراءة، والثانى: بقاء الصورة الذهنية نتيجة الترسبات الإسرائيلية ومحاولة إثباتها ..

 

ونحن فى هذا العمل نحاول أن نوطن منهج السياق كمنهج لقراءة الحدث التاريخي القرآنى، على اعتبار ان القرآن ليس كتابا منفصل عن المعرفة الإنسانية ولكنه يؤكدها ونحن نثق ان هذا الكتاب – القرآن- لا يقبل الشك ولكن عقولنا ومناهجنا هى التى يجب أن نشك فيها ....

 

فلا يمكن ان تكون مصر فى العراق أو اليمن أو الهند، كما يزعم البعض، لان بنو اسرائيل تنقلوا بين ثلاث جغرافيات هى مصر والشام وارض بابل – ارض السبي- فلو كان الحدث جرى فى العراق لسماها العراق او ارض بابل، ولكن الحدث جرى فى مصر والسب جرى فى العراق وهما جغرافيتين مختلفتين تمام ....

 

وعود على بدء ....

 

خرج موسى بعد قتل واحدا من أتباع أو أقرباء فرعون، ولو كان موسى بن لفرعون وقتل واحدا من أتباعه، فكان حتما سوف يحميه فرعون ففرعون المستبد الذى يظلم المصريين وبني إسرائيل لا يهمه عن قتل ابنه – بالتبنى – شخصا عاديا، ولكن لن موسى ينتمى الى بنى اسرائيل وفرعون الذى من العماليق البدو فخرج موسى هربا من فرعون وملائه.

 

ولان سلطة فرعون والملأ تمتد من شمال شرق مصر الى فلسطين، فلم يكن من الطبيعى ان يهرب موسى الى فلسطين، ولكنه هرب الى مدينن وهى بلد يمكن ان توفر له مأمن من فرعون وملائه، وهم على خلاف وعداء مع فرعون وملائه .

وحينما التقى بشيخ هناك وقص عليه القصص قال له كما يقول القرآن (فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )25  القصص.

 

 ولاحظ وصف الظالمين والمجرمين لقوم موسى – بنى اسرائيل – هو وصف غالب فى كل آيات القرآن على لسان موسى (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ) 17 القصص.

 

القرآن واضح ولكن نحن لا نحسن القراءة، فالقرآن يقول ولاحظ....

 

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ) 20 المائدة .

القرآن يقول بوضوح جعل فيكم ملوك ... ونحن جميعا وفق السياقات التى نقرأ بها التاريخ لا نعرف لبنى إسرائيل ملوكا، ولكن نعرف ان منهم أنبياء فقط ....

 

والسؤال هنا من ملوك بنى إسرائيل :

 

فليس أمامنا إلا ملوك الهكسوس وفرعون وفرعون ملك موسى وهم ملوك من الأعراب والعبرانيين، وإليهم أرسل كل أنبياء بنى إسرائيل .

 

 وقد بدأ الهكسوس كما قلنا تسللا هادئا بطيئا لمصر إلى أن انقضوا عليها واجتاحوها عام 1730 ق.م. ، وتحكموا فى أقدارها قرابة قرن ونصف من الزمان!! .. وقد أكد الكثير من المؤرخين أن يوسف عليه السلام جاء إلى مصر وبيع إلى أحد وزرائها فى عهد الهكسوس ، ويؤكد ذلك أيضا بعض كتب التفسير الإسلامية (تفسير الألوسى . جزء 12 ص 206) .. وتقول أسفار اليهود أنه جاء إلى مصر فى السنة العشرين أو الثلاثين من حكم الهكسوس الذى دام مايقرب من 150 سنة .. ويتعين طبقا لرواية اليهود أن يكون حكم الهكسوس لمصر قد بدأ بعد مجيء إبراهيم عليه السلام لمصر بمدة طويلة .. والوقت المرجح لوصول إبراهيم عليه السلام لمصر هو عام 1898 ق. م. ، فى حين أن الهكسوس حكموا مصر من عام 1780 ق. م. – أى بعد وصول إبراهيم عليه السلام لمصر بما يقرب من 120 عاما ..

 

وفى رواية أخرى يعتبر البعض أن إبراهيم عليه السلام كان من الهكسوس ، وأنه دخل مصر عام 1780 ق.م. مع بداية حكم الهكسوس لمصر ، وهى رواية مخالفة فى زمن دخول إبراهيم عليه السلام لمصر . وتقول الموسوعة العربية الميسرة (الناشر : مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر 1953) : أن اللفظ "هكسوس" هو اسم أطلقه المصريون على أولئك الغزاة الذين اجتاحوا بلادهم من أخلاط سامية آسيوية مختلفة حوالى عام 1730 ق.م. فآذوهم فى دينهم وأذلوهم ، وظلوا يحكمون البلاد قرنا ونصف قرن .

 

وكلمة " العبرانيين" ،  لا تعنى الاسرائيلى ، فليس كل العبرانيين إسرائيليين .

 

وقد اتفقت تسميتهم بلفظ عابيرو فى المصادر المصرية القديمة مع نفس التسمية فى المصادر والحفائر السومرية والأكادية بالعراق، حيث كان يطلق هذا الاسم على مجموعات البشر التى لاتستقر بمكان ( البدو الرعاة)، وليس لها وطن دائم، وكانت دائمة التنقل والترحال، وكان ينضم إليهم أثناء تنقلهم بعض الهاربين من العدالة والخارجين عن القانون، والهجامين والمغيرين من مختلف البلاد .

 

ويقول العالم الأثرى سليم حسن ( مصر القديمة جـ 4 ص 196) :أن العبرانيين طائفة من أجناس مختلفة وليسوا جنسا واحدا، ويقول فى مكان آخر أنهم كانوا على اتصال وثيق بالهكسوس .





وكانت بداية استخدام لفظ العبرانيين هى مع بداية خروج إبراهيم عليه السلام مع بعض قومه ومعه زوجته سارة وابن أخيه لوط عليه السلام . وتطلق عليهم التوراة الحالية القوم الذين لايستقرون بمكان ودائمي الترحال ..

 

وقد كتب الكاهن والمؤرخ المصرى ( مانيتون) عن الهكسوس فقال :" هؤلاء الناس الذين اسميناهم من قبل ملوكا – لاحظ توافق الكلام مع وصف القرآن – ويسمون ايضا الرعاة هم وأحفادهم سيطروا على مصر ....".

وقد فسر مانيتون كلمة هكسوس بأن ( هك) تعنى ملك و( سوس ) تعنى راعى أو بدوى متنقل أو مرتحل ومن هناك تكون معنى كلمة ( هكسوس) الملوك الرعاة او الملوك البدو .

 

مصر التى لم تعرفها والقرآن الذى لم تقرأه

مصر التى لم تعرفها والقرآن الذى لم تقرأه (2)


مصر التى لم تعرفها والقرآن الذى لم تقرأه (3)

مصر التى لم تعرفها والقرآن الذى لم تقرأه (4)


مصر التي لم تعرفها والقرآن الذي لم تقرأه (5)

مصر التى لم تعرفها والقرآن الذى لم تقرأه (6)


وللحديث بقية





















 









 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات