آخر الأخبار

الجزء الأخير عباس ينقب عن حوت يونس ....( اشتباك حر)



الجزء الأخير عباس ينقب عن حوت يونس ....( اشتباك حر)

( امرأة فرعون وقومه)







محمود جابر

ما يزال الحديث مستمرا رغم أننا خرجنا من قصة يونس وحوته إلى موسى وفرعون، وهذا كان من دواعي الاشتباك مع المفكر الفذ عباس الزيدى وكتابه ولم نجد بدا من هذا الاشتباك الذى تحدثنا فى الحلقة الماضية عن أصل فرعون من النقل والتآريخ واليوم نستكمل رحلة البحث عن امرأة فرعون ومؤمنوا آل فرعون ومله وقومه وهذا حديث هام ربما يؤيد ما ذهب إليه وربما يؤيد ماذهب إليه الزيدى وأنت أيها القارئ صاحب الحكم الوحيد على هذه النصوص .

امرأة فرعون من قوم موسى
إنها واحدة من أقوام الأعراب والعبرانيين( الهكسوس) غير أنها آمنت بدعوة موسى المرسل إليهم.
يقول ابن كثير في قصص الأنبياء : "أنها آسية بنت مزاحم بن عبيد ابن الريان الذي كان فرعون مصر فى زمن يوسف".
وفي كتاب أضواء على السيرة النبوية : قال الأخباريون أنها آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان فرعون يوسف وجعلوها من العماليق.
هذه ليست أقوالنا، بل جزء من فيض من أقوال المؤرخين المسلمون فأرجع إليها إن شئت الحقيقة.
نرجع أيضاً إلى أسمها " آسيا بنت مزاحم " إننا أمام أسماء من صلب بنى إسرائيل، وليس بها مجرد ملمح أسم أو لقب مصري، ومع ذلك نتغاضى ونسد آذاننا و نجعلها وزوجها من المصريين .
إن نسبها يصل لملك العماليق فى زمن يوسف لهذا من الطبيعي أن يتزوجها ملك العماليق فى زمن موسى.
وأخيراً يحكى السهيلى ويؤكد : …. أنها كانت من بنى إسرائيل من سبط موسى بل وكانت عمته: ليؤكد ما ذهبنا إليه أن فرعون كان من قوم موسى.
عندما انتشل آل فرعون موسى من الماء قالت زوجته:
{.. قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا } القصص 9.
تقول المرأة التى وجدت الطفل { عســــى أن ينفعنا....}
إن كانت هذه المرأة زوجة ملك مصر فإنها ستكون سيدة ملكات الأرض وزوجة أقوى الملوك وأكثرهم جاهاَ وسلطانا.
بعد هذا المقام والسلطان ..أمن المنطق أن تشير لطفل انتشلوه من الماء وتقول: عسى أن ينفعنا ؟
ينفع من ؟!!! وينفعهم بأي شيء ؟
انه مجرد طفل قد يكون لقيطاَ أو يتيماَ، لا هي ولا غيرها يرى أو يدرى غير هذا في هذه اللحظة.
أيستقيم أن تكون القائلة زوجه ملك دولة مثل مصر ؟ أو أي دولة ؟
سيكون القول مقبولاً فقط في حدود قبائل البدو العبرانيين والرعاة الأعراب التي تنتسب إليهم هذه المرأة رغم إجلالنا لها ولحكمتها.
وحتى تزداد ثقة فيما نقول أرجع لما قاله الذي اشترى يوسف(عليه السلام) وكان دون أدنى شك من الهكسوس الأعراب المحتلين لمصر فقد قال لامرأته:{..أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا } يوسف 21.
أرأيت أي خلاف بين كلام الرجل وكلام المرأة ؟
إنهما من شعب واحد، بعقلية واحدة، ويستخدمون عبارات واحدة بل وبنفس المفردات والترتيب.
أرجو أن يكون هذا معقولاً ؟

قابلتي بنى إســــــــــــــــــــــــــرائيـل:
وكلف ملك مصر قابلتي العبرانيات اللتين اسم إحداهما "شفرة" والأخرى "فوعه". وقال "حينما تولدان العبرانيات وتنتظرانهن على الكراسي، إن كان ابنا فاقتلاه وإن كان بنتاً فتحيا ولكن القابلتين خافتا الله ولم تفعلا " إصحاح1 خروج 15.

دعونا نذهب للمنطق ... إذا كان هذا الملك فرعون مصرياً لماذا عين قابلتين من العبرانيات ليقتلا الأولاد من بني إسرائيل، أكان من الصعب عليه وهو ملك ملوك الأرض أن يأتي بعساكره و جنده أثناء ولادة العبرانيات وينتظروهم على الكراسي ؟
ولماذا لم يعين قابلات مصريات ؟
ولماذا لم يأمر من الأساس بإبادة هؤلاء العبيد؟

ولماذا ترك الملك ( بافتراض أنه مصري ) كل أساليب الهيمنة والجبروت والقوة والسطوة والسلطة والوزراء ورجال الدولة والهيلمان والمقام الكريم ونزل بنفسه ليتفق أو بمعنى آخر ليتآمر مع قابلتين من بني إسرائيل ليقتلا أولادهم ؟
ألا ترى معي أنها قصة ساذجة إن كانت تتحدث عن مصر وملك مصر ؟ اللذان تم لصقهم بالقصة بسوء نية ، وتبدو فقط معقولة إن كانت أحداثها تجري هناك في مدينة على حدود مصر يعيش فيها طائفة مستضعفة صغيرة العدد ( لهما قابلتان فقط ) مع طوائف أخرى مستبدة وللجميع زعيم بدوي جلف اسمه فرعون.
تقرر التوراة أن القابلتين ومعهم نساء بنى إسرائيل كثيراً ما كن يخدعن فرعون ويتركن أولادهن على قيد الحياة دون أن يدرى بهم أحد ، بيد أن أم موسى لم تنجح في ذلك إلا لمدة وجيزة اضطرت بعدها لقذفه فى اليم ، ذلك لأنها كانت تعيش داخل القصر ومن الصعب عليها إخفائه أكثر من هذا.
ملأ فرعون :
دخل موسى ذات يوم المدينة فوجد رجلين يقتتلان هذا من شيعته والآخر من عدوه - لاحظ أن الله سبحانه لم يقل أن الآخر مصري بل اكتفى بقوله من عدوه- فوكزه موسى فقضى عليه . وفي اليوم التالي كاد يتكرر نفس المشهد.هنا:{... جاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك } القصص 20.
جاء الرجل ليس من المدينة حيث يعيش القوم بل من أقصى المدينة حيث يعيش فرعون وملأه وحاشيته - ويبدو أن القتيل كان من هذا الملأ - جاء الرجل مسرعاً فقد كان يعرف حجم المشكلة التي أصبح فيها موسى فعلى ما يبدو أن القتيل على صلة قرابة بأفراد الملأ.
تتحدث الآية عن تآمر، والتآمر لا يكون إلا بسبب سياسي، وليس لمجرد إنه قتل فرداً من الرعية، فهذا غير هام، فالرعية بلا وزن خصوصاً عندما يكون القاتل قرة عين البيت الحاكم..
إن الذي يطلب رأس موسى الآن هم (الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) القصص 18.
ومن أفراد هذا الملأ شيوخ الأعراب وبنى إسرائيل وقارون ابن عم موسى نفسه وملأ بنى إسرائيل هم الذين كانوا يخيفون الشباب ويمنعوهم من الإيمان بموسى. انظر إلى الآية الكريمة المعجزة:( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم )يونس 83.
آمن لموسى بعض الشباب من قومه على خوف لا من فرعون فحسب، بل وخوف من شيوخ بني إسرائيل أنفسهم، وهم المعنيين بكلمة وملئهم . أي الملأ من بني إسرائيل أنفسهم وإلا فما معنى كلمة ( وملئهم).

كما أن عبارة " فما آمن لموسى " تؤكد أن بنى إسرائيل كانوا جميعاً من الكافرين، إلا ذريه من قوم موسى آمنوا على خوف من فرعون ومن شيوخ بني إسرائيل أنفسهم الذين كانوا يقومون بالفتنة.
كان قارون وهامان على رأس ملأ فرعون وهم أشراف القوم الذين يلتفون حول أي حاكم ويأتون له بالنصح والمشورة وعن هذا الملأ يقول سبحانه (وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات )العنكبوت 38.
نحن أمام رسول أرسل لقومه بالبينات، الآن نتأكد أن موسى جاء بالبينات لقومه وعلى رأسهم قارون وفرعون وهامان.
كان هذا إذاً السبب الأساسي في هروب موسى والإجابة عن سؤال طالما حيرنا إذا كان الشخص الذي قتله موسى مصرياً، فلماذا خاف وهرب ؟

أليس هو الأمير قرة العين ربيب القصر الملكي، أليس هو الذي قررت زوجة فرعون أن تتخذه ولداَ عله ينفعهم، وهل كان من الممكن أن يأمر ملك الملوك بإعدامه وهو الأمير المدلل لمجرد إنه قتل فرداً من الرعية ؟

لن تجد إجابة على كل علامات الاستفهام هذه إلا باعتبار أن القتيل كان على صلة قرابة بالملأ حول فرعون وكانوا من قبيلة أخرى معادية لقبيلة بني إسرائيل داخل جحافل الهكسوس الأعراب.


مؤمن آل فرعــــــــــــــــــــــــــــــــــون:
{ وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم } 28 غافر
هذا الرجل اسمه سمعان ابن إسحاق ... ( تفسير الألوسي) ولكن الثعلبي قال اسمه حزقيل ابن صبورا وأجمعت معظم التفاسير على إنه أبن عم فرعون.
ويقول ابن كثير : وزعم بعض الناس إنه كان إسرائيليا ماذا يريدون أكثر من ذلك ، سمعان ابن إسحاق أو حزقيل ابن صبورا أسماء عبرية من صلب بنى إسرائيل يحملها رجل إسرائيلي من قوم موسى ، وفي نفس الوقت ابن عم فرعون
لاحظنا شيئاً يبدو هاماً... هذا الرجل عندما أراد أن يعظ قومه حذرهم من مصير أقوام معينين من أمم ماضية ( وليس كل الأقوام ).
{ قال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب . مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم .} 3. غافر

إنه يحدثهم عن قوم نوح وعاد وثمود وكلها أقوام من العماليق الأعراب الذي يعرف تاريخهم جيداً لأنهم أجداده ، فهو مثلاً لم يحدثهم عن قوم إدريس لأنهم مصريون ولم يحدثهم عن لقمان ذلك الحكيم المصري ( هذا بغض النظر عن الرسل والمنذرين لكافة أمم الأرض ومنها الصين والهند وفارس وهى أمم ذات علوم وحضارات عظيمة ) فقط يحدثهم عن قوم ( نوح) الإعراب ، وقوم ( عاد ) وكانوا عرباً يسكنون الأحقاف ، وقوم ( ثمود) وكانوا عرباً عاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك . والذين من بعدهم أي ( الذين أرسلوا إلى أقوامهم المحتلة لمصر ) ، فمؤمن آل فرعون يعرف ونحن أيضاً نعرف ، أن الأعراب من قوم نوح أول من أقاموا أنصاب ( أصنام ) لبشر وعبدوها ، ثم جاءت عاد الأولى وكانوا أول من عبدوا الأصنام بعد الطوفان وكانت أصنامهم ثلاثة صمدا ، وصمودا ، وهرا يعرف أيضاَ بالتفصيل ما حدث في العهد القريب وما فعله أهله وقومه من الهكسوس ومن بني إسرائيل بيوسف (عليه السلام) الذي أرسل لا محالة في زمن الهكسوس فهو منهم وإليهم إن يوسف هو الجد الثاني لموسى ، ويكون موسى بكل بساطة في نفس العهد ومرسل لنفس القوم لهذا عاتبهم الرجل المؤمن على غبائهم بقوله:
لقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً} 34 غافر
وبسبب أواصر القربى بين الرجل المؤمن وبين فرعون من جهة وبينهما وبين موسى وهارون من جهة أخرى ، لم يأمر فرعون بسجنهم أو تعذيبهم فضلاً عن قتلهم ، و اكتفى فقط بالتهديد بالقول دون الفعل بينما عذب إتباعهم دون تردد والدليل خروجهم في جحافل لا تقل عن 6 ألف مقاتل غير النساء والأولاد والمؤن والعتاد.


مؤمن آل فرعون
مؤمن آل فرعون آثر قول الحق ، وشهد شهادة وثقها القرآن آياتا وقد حكى القرآن لنا عن شجاعته ونصرته للحق ، وما تمتع به من إصرار وثبات .. في مناظرة ـ بحسب تعبيرنا اليوم ـ وقعت أحداثها بين مؤمن آل فرعون الذي وصفته الآيات بـ (الذي يكتم إيمانه ) وبين فرعون موسى ، الذي عاش في زمن موسى عليه السلام ، وعلى سبيل الجواز سنطلق عليها مناظرة ، لكنها بحق زلزال يزعزع كل عقائد ومسلمات الفرعون وحاشيته ،و يدمر معها عرش من أقوى العروش ، وملك كان ومازال يضرب به المثل في القوة والجبروت :
قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)غافر ،
إذ أنه يدعي أنه رب يعبد من دون الله :
(فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24) النازعات .
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ (38)القصص
والأنهار تجري من تحته ..
(وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف

بل يطلب من هامان أن يبني له صرحا ليرى لنفسه ويقف على أسباب خلق السموات والأرض راصدا كل ما يحدث في العوالم العليا ويضطلع إلى إله موسى ليثبت كذبه :
( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِفَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنْ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ).غافر
مؤمن آل فرعون أو قوم فرعون عند اختباره واختياره اختارالدفاع عن الحق وترك الباطل ، ومعه كل المغريات الدنيوية والمكانة العظيمة ، إذ أنه من علية القوم !! بطلنا اليوم ناظر الفرعون ومن حوله طواعية، بتمكن منقطع النظير ، وهو الأعلم بمدى قوتهم و بطشهم ، تميز في مناظرته العلنية باستخدامه للأدلة العقلية ،والمنطقية منها على سبيل المثال لا الحصر :
(أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) ، يَا قَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا) ) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ )غافر42

كل هذه الأدلة التي تنطق بالإيمان على الرغم من أنه لم يقل أنه مؤمن ، لكن العبرة ليست بالأقوال ، ولكن بالمواقف العملية. وما رأيناه من هذه المناظرة يعكس بطولة مطلقة في زمن انعدمت فيه البطولات .. وحوار ممتد في زمن تكممت فيه الأفواه .. وبالتقييم المحايد من الوهلة الأولى هي مناظرة من القطع الطويل كما وكيفا ..حاول مؤمن آل فرعون إقناع قومه بالحب والود بعدما فشلت الأدلة والمنطق في إقناعهم ، مذكرا إياهم بأواصر القرابة ، وخوفه عليهم رغبة في إقناعهم من هذا الطريق :
( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)غافر
وهذا النضج العقلي و قوة الحجة، قد جسدته لنا الآيات الكريمة بصورة رائعة من جانب العبد المؤمن، وبتكبر وجبروت واستعلاء من جانب الفرعون إلى أن وصلنا إلى نهاية المناظرة:
( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) وكان جزاءه الوقاية من سيئات قومه وعدم إلحاقه بهم ونجاته من مصيرهم: ( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45غافر

، وبعد هذه نوعية من رجال تركوا أمن أقوامهم وسلطتهم ،وتركوا معها كل ما ورثوا من مكانة وتميز إلى مستقبل ومصير قد اختاروه بأنفسهم ، في وقت كان لزاما قول الحق في وقت الاختيار والاختبار ، فكم من مؤمن يكتم إيمانه في مجتمعاتنا العربية والإسلامية .. ينتظر فرصته هذه في الاختيار والاختبار .. وكم من فرعون متسلط متسيد لقومه ... استخف قومه فأطاعوه ..

القرآن يقدم لنا أوصافا تصلح وتنطبق على كل عصر، فالفرعون موجود ومتوفر متاح في معظم المجتمعات... مع وجود الشعب المطحون الذي يهوى الاستعباد ويسعى للاستبداد فكلما استخف بهم الفرعون زادوا في طاعته وحبه.

وللحديث بقية فى هذا الموضوع ولكن إلى هنا انتهينا من عرض ومناقشة والاشتباك مع المفكر عباس الزيدى وكتابه يونس والحوت...




الحلقات السابقة :















إرسال تعليق

0 تعليقات