آخر الأخبار

تأملات علاماتية فى القضية المهدوية





تأملات علاماتية
فى القضية المهدوية


علي الأصولي

من الطبيعي وحسب السير المنهجي أن البحوث العلاماتية فرع ثبوت الإمامة الإلهية ابتداء بالإمام الأول (ع) وانتهاء بالإمام الأخير، وهذا التأملات غير معنية بإثبات هذه الجهة ،

فهي تبحث برتبة سابقة ( وقد كتبت جملة من المقالات تحت عنوان إثبات الإمامة الإلهية ، وهي ما عقدت البحث عنها من جانب وكانت ردودا على ما جاء بمقالات ميثاق طالب العسر )

وعلى كل حال ، النظر في القضية المهدوية بشكل عام للخروج بنتائج علمية ليست من السهولة بمكان،

وإلا مع فقد الأدوات المعرفية فسيكون صاحبها كحاطب ليل لا يميز بين الأفاعي والحطب، وقد زلت بهذا الحقل إقدام وتلاشت على أعتاب الوهم أحلام ودونك البابية قديما ، وبعض الصيحات المعاصرة حديثا.

ومن هنا حاولت أن أثير بعض الموضوعات الخاصة بالعلامات مع رعاية بعض الفهومات ولا تستغرب من مطاوي هذه التأملات اذا جاءت خلاف فهمك وما تحسبه من عقائد الأساسات ..


الاهتمامات الإسلامية الإمامية على وجه الخصوص بالقضية المهدوية من الوضوح بمكان ، جراء السياسات التعسفية التي اذاقوها طول تاريخهم منذ عصر النص ليوم الناس هذا ،

فكان البحث عن المخلص من الضرورات النفسية قبل العقلية عند الناس، ولا طريق أمام الناس إلا التقصي والفحص والتحري عن القضية وعلاماتها بالاعتماد على الجانب الديني الحديثي خصوصا ، للايمان المسبق بإن الدين كفيل بتغطية هذه التساؤلات الغيبية المستقبلية ،

ثمة مشاكل عملية ظهرت على السطح بعد طرح الإخبار الغيبية ومنها العلاماتية تمثلت هذه المشاكل بالكسل الناتج من الانتظار السلبي ، والشعور بعدم القدرة والفاعلية لأي ظلم وقع أو سيقع ، وطبيعة هذه الإخبارات التي تجذب المدعين بسهولة بعد ترتيب الأوراق وإعادة الصياغة بفهم خاص وخلق القصص بنفس الاتجاه وتقديم النفس على أنهم الأبواب !

وأعتقد بأن أئمة الدين(ع) على علم تام وهذه المخاوف المحتملة بل الواقعة أكيدا ،

ان هذه الدعوات تثير الفضول بنفسها والتعايش مع العلامات المستقبلية تثير الأفكار والنفوس معا للتفاعل معها ،

فلا خلاص إلا بوضع حد فاصل لسد الطريق على الآثار السلبية التي أشرت إليها في قابل الكلام ،

وهذا الحل من الحلول العملية الضامنة لعدم تحول قطاعات من المنتظرين تحت أمزجة أدعياء النيابة الخاصة ؛

ان ربط الناس بالظواهر العلاماتية ليس مطلوب لذاته ، بل هو مطلوب لغيره حال الوضوء بالنسبة للصلاة ،

فالعلاقة بين العلامة وبين المهدي(ع) علاقة المقدمة بالنتيجة نعم بعض العلامات بينها وبين النتيجة علاقة علية لا يمكن تصور الانفكاك عنها ، وأغلب العلامات ليست من هذا القبيل لدخول حكومة البداء على أصل العلامة أو تفصيلاتها أو تقدمها أو تأخرها ونحو ذلك ، هذا الفكرة ينبغي أن تكون ملحوظة عند القراء ليتسنى فهم الظواهر العلاماتية التي ليست وليدة هذه الساعة ، بل لها امتداد منذ عصر البعثة

حيث سمعنا حديث النبي (ص) وقوله (بعثت أنا والساعة كهاتين ) وأشار بإصبعيه !

نعم التخوف من الاستغراق بالبحث العلاماتي والتخوفات ومشاكلها التي ذكرتها في طيات هذه التأملات موجود،

لا اقل تجعل الفرد يتعذر ويبرر وقوفه على هامش الساحة وأحداثها إذ لم نقل يتم استغلاله وجعله من أدوات العمل السياسي لبعض الجهات المدعية !

أهم المشاكل المتصورة في فقه العلامات وعرضها الكلاسيكي للمتلقي، هي مشكلة الإخفاقات المصاحبة لمن تعايش في الجو الارهاصي ، عاصرنا وعاصرتم وشاهدنا وشاهدتهم بعض الإخفاقات والمردوات العكسية النفسية نتيجة إيمان الناس بعلامة من يضمن لي موت شخص أو من هذا القبيل اسمه على اسم حيوان ( فهد ) اضمن لكم المهدي.

وغيرها من التبشيرات التي ساقها فلان وفلان ومحاولتهم ولوي عنق هذه الرواية على مصداق ( أ ) أو مصداق ( ب ) فكانت النتائج كارثية زهقت فيها الأرواح ودونك حادثة الزركة على سبيل المثال،

هل يرضى أئمة الدين (ع) و هذه النتائج المؤسفة وهل يرضى سيد المرسلين وهذه النتيجة الكارثية !؟

الفشل والإحباط وتثبيط العزائم بل والهزائم كله مخرجات اما نص لم يفهم أو وهم سيطرة على الفهم أو مكر وخداع مورس بأبشع صوره بحق المساكين ومن ينتظر دولة العدل الإلهي ،

ناهيك عن الانقسامات والتشرذمات ومنطق ان لم تكن معي فأنت ضدي، وبالتالي إستهلاك الطاقات واستنزافها بطريقة مروعة وفي غير مكانها الصحيح !


في اللغة للعلامات أكثر من مسمى ، وأهم تسمياتها الاستعمالية التداولية هي الآية نحو قوله ( إن آية ملكه ان يأتيكم بتابوت فيه سكينة من ربكم ) البقرة ٢٤٨/

ولا أجد اختلافا يذكر بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للعلامة ، المهم أن تكون دوال لحوادث مستقبلية ، ويمكن معرفة هذه الحوادث على ضوء المعرفة المسبقة ، ومنه قول حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله (ص) قال فيما قال ، يهلك - اي بالفتن - فيها أكثر الناس إلا من كان يعرفها قبل ذلك ، ( الفتن لابن حماد )
وفي رواية عن كيفية يعرف النداء الصادق من الكاذب قال الصادق (ع) يعرفه الذين كانوا يروون حديثنا ويقولون انه يكون قبل أن يكون ، ، الخ ) غيبة النعماني،

وكيفما كان : الضابط الموضوعي لسد الثغرات التي ذكرت في هذه التأملات هو بتوجيه كون إرادة المعصوم وإبراز العلامات والتنبيه عليها وكونها طريقية هو القول أن غايتها معرفة ما وقع منها لا ما سيقع ، وعليه فقد تجاوزنا أهم المشاكل المثارة على الاختبارات العلاماتية من ناحية الوقوع وعدم الوقوع ومدخلية حكومة البداء وقطع الطريق على الأدعياء ونحو ذلك،

خاصة وأن العلامات اغلبها ليست حتمية الوقوع اذا سلمنا جدلا بصحة جميع أخبارها فبعض منها لا يقع وهنا لا يمكن لأحد تحديد ما يتعلق به البداء،

نعم ان صدور هذه الأحاديث العلاماتية فهو ناتج لتحقق المقتضي وما علمه النبي (ص) من الجهة الغيبية بشرط كون الأحداث تسير وفق طبيعتها العامة ومآلاتها ،

وأما شرائط أو شرط المقتضي فهو مسكوت عنه من الناحية الوقوعية أو العدمية ، بل وحتى مواقع الأحداث قرقيسيا مثلا قد لا تكون هناك مأدبة للجبارين أو قد تكون لكن ليس في الشريط الحدودي بين العراق وسوريا وتركيا !

وقد لا يدخل السفياني بعض المعارك أو اتخاذ بعض السياسات التي اخبر بها المعصوم ،

وعدم الوقوع لا يرجع للتكذيب بل لعدم حصول المقتضي أو فقد شرط ما ،

ومن هنا نبهت بعض المرويات لهذه الموضوعة تحت عنوان الحتمي أو العلامات الحتمية مع العلامات غير الحتمية بل يمكن أن يقال أكثر من ذلك للحكومة الأعلائية للبداء حتى على العلامات التي وصفت بالحتمية !


إرسال تعليق

0 تعليقات