الأخلاق والدين (2)
الفقه وفشله في التأسيس الأخلاقي
عز الدين
محمد
هناك عبارة مشهورة
تجرى مجرى المثل تقول "ما ضاق على فقيه مسلك" أي أن الفقيه يملك من
المحاججة وقوة النظر ما يجعله قادرا على إثبات أي شيء أو نفي أي شيء..
وقد روي عن الشيخ
جعفر كاشف الغطاء انه كان يقول "لولا تقوى الله ومخافته لجعلت الحلال حراما
والحرام حلالا".
كما روي عن الشيخ
الأعظم مرتضى الأنصاري (قده) انه جلس في بعض المجالس الفقهية، فطرح رأيا وقدم حججه
لذلك حتى اقنع كل من كان حاضرا، ثم عادة فنقض ما قاله وجاء بحجج معاكسة ومقنعة
أيضا.
وهذا يدل على قوة
الفقاهة، ويكشف عن قوة عقلية عالية وقابلية متميزة جدا على الإقناع.
قد يرى البعض هذا
شيئا جيدا، وربما يكون كذلك، إلا أنّ هناك أمرا آخر لا بد من الالتفات إليه، وهو
دلالة ذلك على غلبة المنهج اللفظي الذي يتعامل مع الألفاظ أكثر مما يتعامل مع
الواقع، وأيضا النزعة التبريرية التي تعد قضية خطرة جدا على الصعيد الأخلاقي.
فالفعل الأخلاقي
واضح، واستعمال التبرير فيه أمر خطر جدا، لأنه يخل بالنظرة الفطرية للأمر. وهو ما
وقع فيه الفقه والفقيه فعلا، وكأمثلة على ذلك تجد في الفقه من يبيح سرقة أموال
الدولة باعتبارها غير مالكة، وتجد من يجيز إعطاء الرشوة ويرى حرمتها مختصة بباب
القضاء فقط، وهناك من يجيز الغش في الامتحان، وهناك من يجيز ويبرّر الخيانة
ولعمالة لدولة أجنبية تتعارض مصالحها مع مصالح البلد، وهناك من يجيز قتل المخالف
وأخذ ماله لكونه ناصبيا، وغير ذلك وغير ذلك.
رغم أن الإنسان
البسيط الذي لم يدرس في الفقه شيئا لا يمكن ان يرضى بذلك، ولا يمكن أن يقتنع بذلك.
أي إنه الفقيه مع
فقهه وتخصصه تخلف أخلاقيا عن العامي البسيط!! وهذا أمر خطير، بل جد خطير.. يبين لك
تخلف الفقه عن ان يكون منهجا أخلاقيا .
0 تعليقات