عز الدين البغدادي
روي عن الإمام علي (عليه السلام ) : كل ما في القرآن في الفاتحة و
كل ما في الفاتحة في بسم الله الرحمن الرحيم و كل ما في بسم الله الرحمن الرحيم في
باء بسم و أنا النقطة التي تحت الباء.
وبغض النظر عن ركاكة التعبير وبغض النظر أيضا عن الضعف الشديد في
المصادر التي ذكرت الخبر بغير سند، فإن هذا المعنى اشتهر جدا بين العرفاء والصوفية
وغيرهم، فعلي هو نقطة الباء. لكن وبغض النظر عن قيمة الكلام في نفسه؛ فإن التنقيط
أو الإعجام كما كان يسمى جاء متأخرا، حيث لم تكن الحروف العربية منقطة إلى زمن
الحجاج الثقفي، حيث قام نصر بن عاصم بذلك، وذلك لتمييز الأحرف بسبب انتشار اللحن
بسبب دخول الأعاجم في الإسلام، وبالتالي ماذا سيكون معنى نقطة الباء؟
وبسبب هذا، فقد تنزل بعضهم وانصرف الى تفسير آخر، حيث جاء عن بعض
أهل العرفان ومنهم (الشيخ ابن أبي جمهور) أن المقصود بها هي النقطة التمييزية التي
بها تميز العابد من المعبود و الرب من المربوب، لأن الوجود في الحقيقة واحد‼ في
حين قال غيرهم بأن المراد بالنقطة هو الإمكان وبالباء هو الصادر الأول ، وجميع
الحروف ناشئة من الباء بحسب تفننها وظهور آثارها… وهذا كم ترى كلام لا يرجع الى
معنى محصل ولا فكرة واضحة، بل هو من تخيلات الصوفية ... كما ان هذا الحل بغض النظر
عن قيمته العلمية يمنع ان يكون المقصود بالباء هو الحرف المعروف، فكيف ينسجم هذا
مع القول بأن المقصود بها "باء بسم"؟! هل كان علي (ع) على فضله ومكانته
من رسول الله (ص) وعلمه وفصاحته وشجاعته يحتاج الى مثل هذا الكلام؟ أو ليس في
كلامه ومواقفه ما يجعلنا نقف كثيرا وكثيرا ننظر ونتأمل وننهل وتترقى به نفوسنا
وعقولنا دون حاجة لهذا الكلام الذي لا ينهض به دليل ولا ينهض هو بشيء؟
0 تعليقات