علي الأصولي
الحكم باستحباب عمل ديني ما، يحتاج إلى مستند من نفس الدين أولا
وبالذات.
هذا ما كان عليه قدامى فقهاء الإمامية ومحدثيهم إلا ان جاء
الانعطاف التاريخي بالفكر الأصولي. حيث اكتفى فقهاء الأصول بإنشاء منطقة واسعة من
الأعمال الإستحبابية - والتي أثقلت كاهل المكلف - تحت عناوين متعددة منها عنوان
قاعدة - من بلغ - على سبيل الفرض. ومنها عنوان توسعة أدلة الرجحان بحسب أدلة
العمومات وهكذا دواليك.
فلو سألت فقيها معاصرا حول الدليل على استحباب المشي لمطلق المعصوم
(عليه السلام) عدا ما خرج بدليل منهم كالإمام الحسين (عليه السلام). أو أبيه أمير
المؤمنين(عليه السلام) فسوف تأتيك الإجابة الصناعية جاهزة بمفاد الاستحباب. بعد
عنونتها بعنوان أدلة رجحان شعيرة المشي .
وحاصلها" تذكيرك ببضع أحاديث حاثة او ناصة على استحباب المشي
للزيارة. وحقيقة هذا التذكير هو مقدمة لبيان إثبات أدلة الرجحان. لعدم وجود النص
الصريح باستحباب ورجحان المشي لمطلق مراقد المعصومين (عليهم السلام).
بدعوى أنه توجد لدينا بعض الروايات التي يستفاد منها أن الثواب
المترتب على الإتيان لزيارة مراقد المعصومين (عليهم السلام). يماثل الثواب المترتب
على الإتيان لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) - وهذا المقدار لا إشكال فيه من
هذه لناحية - إلا انهم يقولون أيضا " وعليه فإذا كان الإتيان مشياً لزيارة
الإمام الحسين (عليه السلام). أكثر ثواباً من الإتيان راكباً. كان الأمر كذلك
بالنسبة لبقية مراقد المعصومين (عليهم السلام)!!
بتقريب" بما انه يوجد تماثل ثواباتي من قبيل صحيحة الحسن بن
علي الوشاء. قال: " قلت للرضا (عليه السلام). ما لمن أتى قبر أحد من الأئمة
(عليهم السلام) ؟ قال (عليه السلام). له مثل ما لمن أتى قبر أبي عبد الله (عليه
السلام) قلت: ما لمن زار قبر أبي الحسن (عليه السلام)؟ قال (عليه السلام). مثل ما
لمن زار قبر أبي عبد الله (عليه السلام).
وعلى ضوء هذا التقريب فهم بعض المعاصرين أن زيارة مراقد المعصومين
(عليهم السلام). برتبة واحدة من ناحية الثواب والتماثل. وبما ان هناك خصوصية -
خصوصية المشي - لزائر او زيارة الإمام الحسين (عليه السلام). ماشيا لا راكبا.
فالخصوصية تلغى بخصوصها. وتلحظ لزيارة مطلق المعصوم (عليه السلام).
وهذا فهم صناعي منه غريب لأن لحاظ الخصوصية لكربلاء معينة بنص فهي
زائدة في خصوصها. وإسرائها لغير كربلاء مثلا تحكم والله العالم بحقائق مقاصد
تشريعاته ..
0 تعليقات