نحو آليات جديدة لعلاج العجز التجارى
د. محمد ابراهيم بسيوني
عميد طب المنيا السابق
قال الجهاز المركزي المصري
للتعبئة العامة والإحصاء، إن عجز الميزان التجاري تراجع 24.6 % إلى 3.34 مليار
دولار حيث ارتفعت الصادرات 1.6%، وانخفضت الواردات 14.8%. وأضاف أن الصادرات زادت
إلى 2.68 مليار دولار في مايو الماضي من 2.64 مليار قبل سنة، نتيجة ارتفاع صادرات
الأسمدة 27.5% والملابس الجاهزة 2.8% والبلاستيك 0.33%.
وتراجعت الواردات إلى 6.01 مليار دولار في مايو، من
7.06 مليار دولار قبل عام، بدعم من انخفاض واردات الحديد والصلب 32.3%، واللدائن
والبلاستيك بنسبة 1.6%، والمواد الكيماوية 13.6%.
الصادرات تعني سلعا وخدمات تنتج في بلد، وتباع في بلد
آخر. الصادرات أحد جزأي التجارة الدولية، الواردات هي الجزء الآخر، ويعبر عن أرقام
الجزأين في بلد بعينه بما يسمى الميزان التجاري Trade Balance. وعندما تكون قيمة صادرات بلد أكثر من قيمة وارداته، فإنه يعني
تحقيق فائض في الميزان التجاري، والعكس يعني عجزا في الميزان التجاري وتعد أمريكا
الدولة الأولى في حجم العجز.
وجود ميزة تنافسية في بلد وقدرة شرائية في بلد آخر،
والأول يعني أن الدولة تنتج سلعة أو خدمة بميزة تزيد على ما هو موجود ولو في بعض
الدول خارج حدودها.
الميزة نوعان: ميزة تنافسية تقنية، وميزة تنافسية
طبيعية، وقد تجتمع الميزتان.
الأولى تعني توافر قدرة تقنية على إنتاج سلعة أو خدمة
بسعر منافس عالميا، ويؤثر في السعر التنافسي عامل التكلفة، فمثلا، أسهم رخص اليد
العاملة في الصين في خفض أسعار صادراتها المصنعة، طالما توافرت بمستوى تقني مرغوب،
وهذه الميزة أسهمت قبل عقود في بناء نهضة اليابان الصناعية.
الثانية تعني أن الدولة حباها الله بموارد طبيعية تتيح
لها ثلاث فرص: تصدير هذه الموارد أو إنتاج سلع من هذه الموارد، أو إنتاج سلع
تستخدم هذه الموارد بسعر منافس عالميا.
تؤثر الصادرات في الاقتصاد عبر عدة مؤثرات، فهي ترفع
المستويين التقني والمهارات داخل البلد المصدر. المهارات المرتبطة بالإنتاج نفسه،
والمهارات المرتبطة بتسويقه، كما أنها تعمل على تحسين مستوى المعيشة في البلد
المصدر.
تزيد الصادرات من احتياطيات الدولة المصدرة من العملات
الأجنبية الأهم في التجارة العالمية. ويتحكم البنك المركزي كمؤسسة النقد في إدارة
هذه الاحتياطيات.
وتسهم الاحتياطيات في إدارة السيولة، ومراقبة معدلات
التضخم. تستخدم البنوك المركزية احتياطياتها من العملات الأجنبية لشراء العملة
المحلية، ما يقلل من حجم العرض النقدي من العملة المحلية، تستخدم بنوك مركزية هذه
السياسة حال تخوفها من ارتفاع معدلات التضخم عن المرغوب.
هناك طرق لتشجيع زيادة الصادرات أشهرها طريقان: الحماية
التجارية وخفض سعر العملة.
الحماية التجارية: تعني زيادة الرسوم على الواردات، أي
الجمارك. وتعني أيضا وضع عقبات أخرى أمام الاستيراد، أو دعم الإنتاج المحلي. وأشهر
مثال معاصر ما نراه فيما يسمى الحرب التجارية بين أمريكا والصين. وطبعا تجر
الحماية الدول إلى ردود فعل، والمتضرر الأول الاقتصاد العالمي.
تسعى دول إلى خفض أسعار عملاتها بما يسهم في خفض أسعار
صادراتها. وقد يجر ذلك إلى ما يسمى حرب العملات.
أسهمت التطورات التقنية في ردود فعل عالمية بما يسمى
الحرب التجارية. هذه الردود تعمل على تقويض اتفاقيات وتفاهمات قامت على أساسها
منظمة التجارة العالمية WTO، التي كانت
نتاج تطوير «جات».
وكلمة «جات» أو "قات"The General Agreement of Tariffs and Trade GATT هي اختصار
للأحرف الأولى من عبارة تعني باللغة العربية: الاتفاقية العامة على الرسوم
الجمركية والتجارة. من هذا يعرف أن "جات" ليست منظمة، بل اتفاقية تجارية
متعددة الأطراف، تعنى بوضع قواعد أو أنظمة الممارسة للعلاقات التجارية الدولية،
كما أنها ترسم صيغة المفاوضات بين الأطراف ذات العلاقة حول الوصول إلى حلول
لمشكلات التجارة، وإلغاء تدريجي للرسوم أو الضرائب الجمركية، وغيرها من معوقات
التجارة الدولية.
وقعت هذه الاتفاقية فيما سمي مؤتمر جنيف عام 1947،
ودخلت حيز التنفيذ العام التالي.
شعر أعضاء "جات" بأن البناء القانوني
لاتفاقية "جات" ضعيف. في مفاوضات جولة أورجواي التي بدأت عام 1986
واستمرت سبعة أعوام تم الاتفاق على إنشاء منظمة التجارة العالمية عام 1994، لتكون
مسؤولة عن إدارة الاتفاقيات متعددة الأطراف التي يتفاوض عليها الأعضاء.
المنظمة الآن تحت ضغوط شديدة لتعديل بنيتها، ومن ضمن
بنيتها إعطاء الدول النامية معاملة خاصة، ذلك أن قضايا التنمية تعد من الأساسيات
التي روعيت عند وضع قواعد عمل المنظمة. لكن الولايات المتحدة تحت رئاسة ترمب ترغب
في إلغاء هذه المعاملة الخاصة والإلغاء سيضعف التجارة العالمية، وحركة الصادرات
بين الدول.
0 تعليقات