آخر الأخبار

خرق السفينة بين الضرورة والإضرا






خرق السفينة بين الضرورة والإضرار



علي الأصولي


في الآيات القرآنية التي ينبغي فيها المزيد من التأمل والعناية ويلاؤها المزيد من الأهمية لاعتبارات شرعية وأخلاقية مع ان ظاهرها العام هي القصة ، هي آية ( فانطلقا حتى اذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا ) الكهف ١٧/

وهنا نلاحظ أن الخرق عبارة عن الشق على ما افاد صاحب مجمع البيان أو عبارة عن قطع الشيء على سبيل الفساد على ما قرر صاحب المفردات وبالتالي ظاهر العمل عمل الخرق هو تصرف في ملك الغير من دون مجوز ظاهر، وإتلاف مال الغير بدون وجه حق ، والأهم من هذه المؤاخذات الفقهية هو تعريض الركاب لخطر الغرق وهو بالإضافة إلى حرمته الشرعية فهو قبيح عقلي وأخلاقي عند العقلاء ،

ومن هنا علق موسى (ع) على هذه التصرفات ( لقد جئت شيئا إمرا ) اي منكرا عظيما لأن بالتالي المشكلة كل المشكلة عند موسى (ع) لا بالتصرف بملك الغير ولا بإتلاف مال الغير وأن كانت هذه موبقات أكيدة ، إلا أن نتيجة هذه التصرفات هي ( لتغرق أهلها ) ولذا كان موسى (ع) ناظرا على أهم النتائج والموبقات ، بعد ملاحظة - للام - الغاية - لتغرق - لأن هذا التصرف غايته هو الغرق ،
ولا تفوتني نكتة في المقام هو أن الغرق أن تم فهو يشمل الجميع بما فيهم المتصرف والمتسبب بالفعل ونبي الله موسى (ع) وأهل السفينة ومن كان عليها من الركاب والطاقم ،

ولذا لم نشهد قرآنيا لفظ ( أخرقتها لنغرق ) بل شهدنا ( أخرقتها لتغرق ) وهذا التحول اللفظي الدلالي هو لمكان الإشفاق على الركاب أكثر من الاشفاق على النفس مع أنها تغرق مع الركاب اذا كنا نحن والأسباب الطبيعية ،

ومهما يكن ، يمكن تقديم أطروحة لبيان المسوغ لهذا التصرف وحاصلها ، أن المتصرف كان في حال اطمئنان قبول المعترض والمتحفظ وهذا الفعل بعد بيان الواقع والاطلاع عليه ، وهو يتمثل ( وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ).

وهنا ملاحظة مهما كان المتصرف في شؤونات الغير وبدون علمه ورضاه ابتداء لزما عليه بيان اي خطوة من خطواته لضمان عدم الاعتراض والتذمر بل والعصيان في حال عدم اطلاع الآخر لخطواته ( الغريبة ) والغير محسوبة والمبهمة لا ات يترك حابلها على غاربها بحجة الطاعة والباطن ولزوم عدم السؤال وضرورة التقليد وغيرها من الذرائع والحجج والعناوين الثانوية ، ولذا نجد في قصة السفينة تم البيان والتوضيح والتعليل والتفهيم ( فاما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك ، ، ، )

والملاحظة الأخرى لا ينبغي اغفالها وهذا المقال ، وهي مع ان هناك اتفاق مسبق بين العبد الصالح وبين موسى الكليم (ع) على ضرورة الطاعة والتسليم والصبر ونحو ذلك ،

ولكن في كبرى المنعطفات والأقوال والأفعال الباطنية الغيبية للعقل الحق في التحرك في مساحة السؤوال والاستفسار بل والاعتراض اذا لم يجد إجابات واقعية أو لا اقل كونها مقنعة ولا تجري المسألة على طريقة ( اسمع واطع ) بالجملة ،

ودونك الملائكة وأعتراضهم على خلق بني ادم ولم ينهى الله عن التساؤل ولم يفرض المزيد من القيود على الحريات وهو الله عز وجل بل بين لهم ( باني أعلم ما لا تعلمون ) هذا ما يمكن بيانه على هذه العجالة ولو أسهبت ( لخربت المعلب ههه )




إرسال تعليق

0 تعليقات