آخر الأخبار

فقه أصول المنهج (3)








علي الأصولي



واجد أن ما أفاده المحقق النائيني، فهو كلفة زائدة خاصة وقد عجز عن برهنة دعواه،



وقد ذكر بعض الفقهاء بما حاصله: أن كلمة الأمر مشترك لفظي بين معنيين هما أما الطلب والفعل، واليهما يرجع سائر المعاني التي ذكرها أهل اللغة، أو الطلب والشأن واليهما يرجع سائر المعاني وهو خيرة صاحب الفصول، أو الطلب والشيء واليهما يرجع سائر المعاني وهو خيرة المحقق الخرساني، ولا اختلاف بين الجميع في صحة استعماله في الطلب لقوله تعالى { قل ان الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون } وقوله { وقضي الأمر والى الله ترجع الأمور } وغيرها من الآيات،


وأما الجمع فالأمر ان كان بمعنى الطلب، اي طلب الفعل من الغير فيجمع على أوامر، كما أنه إذا كان بمعنى الفعل والحدث فيجمع على أمور،


وكيف كان: أن الأمر من الناحية اللغوية ومن الناحية العرفية مشترك لفظي بين الطلب والشيء، - الأمر كله لله - بمعنى الشيء - والى الله ترجع الأمور - اي ترجع الأشياء - شغله أمر كذا - اي شيء كذا - وهو مختار - الكفاية - بشرط القرينة على ما أفاد الماتن ).



قال الماتن:

غير أنه يأتي الكلام على معنى الشيء ومعنى الطلب، الذي وقع معنى للأمر، وهل أنهما مترادفان أو لا؟

وأول إشكال، على الترادف هو ما قاله مشهور المتأخرين من إتحاد الطلب والإرادة، فيكون الأمر بمعنى الإرادة، وهو غير محتمل،


ثم إنه قال السيد الأستاذ، أنه وقعت هنا محاولتان مترتبتان،

المحاولة الأولى: في إرجاع المعاني المذكورة للأمر غير الطلب إلى أمر واحد، يكون جامعا لموارده،


المحاولة الثانية: إرجاع كل موارد معاني الأمر حتى الطلب إلى معنى واحد،


أما المحاولة الأولى، فقد يقال، ان ذاك المعنى الواحد هو الشيء، ولذا ذكر صاحب الكفاية، ان كلمة الأمر حقيقة في الطلب والشيء، وبهذا يكون لها معنيان فقط،



وقد لاحظ الشيخ النائيني والشيخ الأصفهاني - قدس سرهما - ان الشيء بعرضه العريض غير مناسب مع كلمة الأمر، بل معناها أضيق، لأنه لا ينطبق على كل الجواهر، فيقال، زيد شيء ولا يقال زيد آخر،


وقد عبر الشيخ النائيني بالواقعة أو الحادثة المهمة، وقال الشيخ الأصفهاني، أنها تناسب مفهوم الفعل والحدث وهما معنيان متغايران،
كما اقر السيد الاستاذ المغايرة بين الأمر - غير الطلب - وبين الشيء، إلا أنه قال، ليس هو الحادثة المهمة لوضوح استعماله في غير المهم، يقال هو أمر تافه،


أقول: ( بما أن الماتن ارجىء الحديث عن موضوعة الطلب والإرادة، فيحسن ان نؤجل ذلك إلى جهته في غير هذا المقام،


وما يهمنا هنا المحاولة الأولى، وبعد ما أفاد الآخوند بإن الأمر حقيقة في الطلب والشيء وعليه فهما معنيان فقط،


لاحظ النائيني والاصفهاني ان الشيء اعم من كونه امر ولذا يعتبر الأمر حصة من حصص الأشياء،


ولذا قال النائيني - بل يمكن أن يقال، ان الأمر بمعنى الطلب أيضا من مصاديق المعنى الواحد فإنه أيضا من الأمور التي لها أهمية - أنتهى،
لو كنا نحن والتوصيفات، فالكلام تام يمكن أن نصف الأمر المهم بالمهم والأمر ما دونه بغير المهم، فلو كان معنى الأمر الواقعة التي لها أهمية لكان التوصيف بالمهم في غير محله على ما أفاد بعض الإعلام، لانطواء الأهمية تحت معنى الأمر ولكان توصيف بغير المهم لا معقولية له، لان الذات لا يكن ان تنعت بضدياتها، فحيث كانت الأهمية من ذاتيات الأمر كما ادعى النائيني، فلا يمكن أن ينسلخ الأمر عن الأهمية، ولذا تجد أن السيد الشهيد الاول بعد موافقته للمغايرة إلا أنه ليس هو الحادثة المهمة التي عناها النائيني، لوضوح استعماله اي استعمال الأمر في غير المهم كما يقال، هو أمر تافه )




قال في المتن:


كما لا يختص استعماله في وقوعه الحادثة والفعل، لإمكان استعماله فيما يستحيل وقوعه، يقال: اجتماع النقيضين أمر محال، وكذلك فيما لم يحصل كقولنا: زيد أمر غريب،


وقال: بل نحن نرى أن كلمة أمر تستعمل في الجوامد أيضا، فإنها على قسمين:


أسماء أعلام،

وأسماء أجناس،

وهو مستعمل في الثاني، فيقال: النار أمر ضروري، ولا تستعمل في الأول، وهذا كاشف عن أن مفهوم الأمر مساوق مع شيء مطعم بالوصفية، ولهذا تكون الأعلام التي هي منسلخة عن الجانب الوصفي ومتمخضة في الذاتية، مما لا يستعمل فيها ذلك، وأما أسماء الأجناس فهي لا تخلو من جانب وصفي في الجملة، فضلا عن المصادر التي هي أوصاف في الحقيقة،


وقال: لا بأس بدعوة كون هذا المفهوم الوسط جامعا، وتلك المعاني مصاديق له، يعني: حصص منه،


اقول ( لو تلاحظ التعبير أعلاه - قال في المتن - بينما كان التعبير فيما سبق بقول - قال الماتن - والنكتة في اختلاف التعبير ان كانت العبارة لصاحب - منهج الأصول - فانا اعبر عنه قال الماتن، وأما اذا كان الماتن ينقل عبارة غيره، فلا مناص والقول قال في المتن، حتى تستقيم العبارة وتفادي وقوع الخلط، ومن هنا قلت اعلاه قال في المتن، لان الماتن نقل عبارة أستاذه السيد الشهيد الصدر الأول، فلاحظ،


والشهيد الأول بعد أن أقر بالمغايرة كما عرفت بين الأمر - غير الطلب - وبين الشيء، ونحو ذلك،


أردف بقوله: كما لا يختص استعماله - اي لفظ الأمر - في وقوعه الحادثة والفعل، يعني ان الضابط الذي ذكرها النائيني هناك الذي اعتبر أن الأمر هو الواقعة والحادثة المهمة والضابط الذي ذكره الأصفهاني للفظ الأمر وهو الفعل والحدث، يمكن توسعة الضابطة تلك للفظ الأمر واستعماله في الأمر المستحيل أيضا، كاجتماع النقيضين، والاجتماع مستحيل كما نعرف، ومع الإستحالة صح القول أن الإجتماع - أمر محال –


وقال (رحمه الله) اعني الشهيد الأول، بل يمكن أن يستعمل الأمر في الجوامد أيضا، ومع أن الجوامد اما اعلام أو أجناس فهي تستعمل بالاجناس خاصة، كقولنا : النار امر ضروري أو الشجاعة امر ضروري ونحو ذلك، ومنه تعرف ان مفهوم الأمر مساوق للشيء بشرط الوصفية، أو قل مطعم بالوصفية وفي الأمثلة اعلاه النار مطعم بالوصفية والشجاعة كذلك، وكل ما كان تحت عنوان المطعم الوصفي فهو داخل تحت مفهوم الأمر، وهذه الضابطة التي ابدعها السيد الشهيد الصدر الأول خطوة متقدمة عن ضابطة المحقق النائيني والمحقق الاصفهاني، مع عدم إلغاء ما ذكره الأعلام بل وسع من الضابط لمعرفة اختصاص الأمر،


نعم، ان أسماء الأعلام خالية من التطعيم الوصفي بالانسلاخ والتمخض بالذاتية والتلبس بافراداها على نحو الفناء - اي أسماء الأعلام - والاندكاك بحيث لا ترى للاسم إلا معناه الخارجي المشخص بفرد غايته اسمه زيد،


وهذا بخلاف أسماء الأجناس فضلا عن المصادر فهي أوضح بالوصف من التطعيم الوصفي كقولنا: ضارب كاتب ونحو ذلك )


قال الماتن:


اقول: جوابه يتكون من خطوات،


الخطوة الاولى: إننا لو سرنا مع الجانب الوصفي، ولو مؤقتا أمكن ان نعمم عدم الوصفية لكل الجزيئات الخارجية والواقعية، بصفتها جزئية، وليس خصوص الأعلام الشخصية،


بتقريب: إن الألفاظ على قسمين: منها: ما هو دال على الكليات، ومنها ما هو دال على الجزئيات، وما هو دال على الكليات فهو مطعم بالوصف ويصدق عليه مفهوم الأمر، واما ما هو دال على الجزئيات، فهو غير مطعم بالوصف، غاية الأمر أن الأعلام الشخصية حصة مما يدل على الجزئيات، والأمر في كل ما دل على الجزئيات كذلك، فلا يقال هذا مسجد آمر واسع، ولا هذا الفراش أمر ازرق،


فإن قلت: فإنه يقال - كما سبق - إجتماع النقيضين أمر مستحيل وشريك الباري آمر مستحيل، وهما جزئيان،


قلنا: بل هما كليان، نعم لو كان موجودا في الخارج كان جزئيا، إلا أنه معدوم ويستحيل وجوده والصور عنه كلية لا جزئية،


ومنه يتضح تفسير ما قالوه : من أنه يقال: زيد شيء، ولا يقال زيد أمر، لأن زيد جزئي غير مطعم بالوصفية، وهي مشترطة في صدق الأمر وغير مشترطة في صدق الشيء، وكذلك التعبير عن الفعل وعن الحادثة وعن الحادثة المهمة.... أنها أمور، فإنها كليات، ولو كانت جزئيات لما أمكن ذلك عرفا، وإلا بعد التجريد عن الخصوصية وقصد مثلها أو سنخها، كما يقال : مثلك من يفعل كذا،


وكذا عدم الانطباق في الجواهر الجزئية، فلا يقال: زيد أمر ، مع الإنطباق في الكليات، لوضوح إمكان ان يقال: إن الإنسان أمر مهم في الدنيا والآخرة،


اقول ( والكلام ، كالاتي: بعد بيان السيد الشهيد الصدر الأول في معرفة ضابطة الأمر بدعوى إمكانية إستعماله في الجوامد وأسماء الأجناس بالخصوص فضلا عن المصادر، دون أعلام الشخصية،


حاول الماتن: أن يتقدم خطوة أخرى على جواب أستاذه وتوسيع من الضابطة التي أثارها الشهيد الاول، إذ قال: في منهجه، جوابه يتكون من خطوات، وذكرنا اعلاه الخطوة الأولى منه.






إرسال تعليق

0 تعليقات