آخر الأخبار

فقه المظاهرات







فقه المظاهرات



علي الأصولي




الأصل في المظاهرات الإباحة،

نعم قد تجب وقد تحرم بلحاظ موضوعاتها، وأما الكلام حول أصلها فلا يتعدى الإباحة،


وأسبابها، متعددة إذ قد تكون ألفات نظر أو بيان مطلب أو شكاية من ظلم وقع ونحو ذلك، وبناء على هذه الأسباب فهي وسيلية وطريقية ليست مطلوبة لذاتها ،


ولكن قد يثار ( كما هو حاصل ) الغبار على المظاهرات بدعوى حرمة الاختلاط كما يتوهم ، وهنا لزم علي إبداء الرأي الفقهي وهذه الموضوعة،


حاصل الإشكال، إن المظاهرات وأن كانت مطلوبة وضرورية في بعض الأحايين لكن لوجود بعض الظواهر السلبية والإشكالات الشرعية فلا مانع والاحتياط وعدم دعوة النساء للنزول للشارع،

وفيه : أن الاختلاط يختلف عن الاختلاء وضرورة التفريق بين هذا العنوان وذاك لتحرير محل النزاع، فالأول قهري أو اختياري بحسب ظرفه، والثاني اختياري، وأن تصورنا الإشكال بالاختياري ( كالخلوة ) في مكان مغلق ومع عدم وجود شخص ثالث وهذا المكان مغلق ولا يمكن الدخول إليه بنحو أو بآخر،

ولكن ما نريد بيانه هو الأول لا الثاني، والقول بالإشكال قد يكون نتيجة الخلط بين العنوانين؛ عنوان الاختلاط وعنوان الاختلاء (والخلوة) فلاحظ وتأمل،

أما الاختلاط بين الرجال والنساء عموما كان وما يزال من الأمور الاجتماعية المتعارفة منذ عصر النص ليوم الناس هذا ولم يتدخل المشرع في هذه السيرة العقلائية والعرف الاجتماعي إلا ببعض التوصيات والإرشادات والتنبيهات وبين حدود التعامل الشرعي وضبط إيقاع الناس وهذا الاختلاط ،

ولم يتعامل المشرع وقانونه الفقهي بتعنت وحجر على الناس وسلب إرادتهم مما هو خلاف الحكمة والعقل والفطرة،

بل لاحظ الإسلام الضرورات الاجتماعية وضغط الظروف التي تلزم المرأة للخروج لسد احتياجاتها الحياتية مع مراعاة الضوابط الشرعية والأخلاقية العامة،

وقد جرت السيرة الاجتماعية ووتماشت السيرة المتشرعية على هذا المنوال لحد كتابة هذه السطور،

وبعد أن اختلفت الأوضاع فأصبح على المرأة الخروج على نحو الوجوب الكفائي كالعاملة والموظفة والممرضة وغيرها من ذات المهن، فلا محيص من الاختلاط في العمل أو المدرسة أو المستشفى أو الدائرة الحكومية،

فلا قائل مع كل ذلك إلا القول بالإباحة، بل في بعض الموارد يمكن أن يقال ضرورة الخروج على نحو الوجوب بلحاظ

مقدمة الواجب الكفائي في سبيل نيل الغايات،

نعم إذا صاحب الاختلاط أي من الأعمال والأفعال والأقوال المحرمة فهو حرام أكيدا وبلا كلام،

ولكن هذا التحريم لا يخدم وما يريده المستشكل بحال من الأحوال، لان الحرمة في الاختلاط بعد بيان أصل الإباحة فهي من قبيل الحرمة العرضية لا الحرمة الذاتية،

وهذا ما بينته موثقة غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (ع) قال: "قال أمير المؤمنين (ع): يا أهل العراق، نبِّئت أن نساءكم يدافعن الرجال في الطريق، أما تستحون؟!"(2). ( الوسائل ج ٢٠)

هذه الرواية تدل على ما ذكرناه من أن الإشكال ليس في أصل الاختلاط، وإنما فيما قد يلزمه من المكروهات، أو المحرمات. فالتدافع من لوازم الاختلاط في الطريق الضيق والسوق، والمظاهرات،

إذن، الإشكال أن تم فهو إشكال عرضي لا إشكال ذاتي فتأمل وأن كنت أجد أن الاختلاء وهو الانفراد للغة بامرأة في مكان ما، كالبيت والخيمة والمحل والغرفة على نحو لا ثالث معهم، هو ما جعل الفقهاء ينذرون من خطره تبعا للنصوص،

أجد أن الاختلاط والاختلاء من حصة واحدة غير أن للوازم الاختلاء أسرع خطورة من للوازم الاختلاط ولذا شددوا على الخلوة دون الاختلاط،

والحمد لله رب العالمين،

إرسال تعليق

0 تعليقات