علي الأصولي
دوائر تحديد المشكلة!
تختلف دوائر تحديد المشكل من قراءة لأخرى تبعا لمنطلقات القراءة
ومآلاتها النتائجية - فالشيخ الغزي ليس كالعسر - إذ التباين بين القراءتين من
الوضوح بمكان. وان كانوا في دائرة - المشاكسة - في العرض والطرح مع غياب البديل!
ما يعنيني: مع ما للشيخ الغزي من اطلاع واسع على المصادر وخبرة
طويلة مع الكتب.
لكن يمكن تحديد كل إثاراته واختلافه مع البقية بسهولة وهي تكمن
باعتراضه على المناهج الحوزوية في التعامل مع النصوص الأمامية. من قبيل الأصول
وعلم الرجال وعليه كان هذا الاعتراض انطلاقا للتشنيع على رموز الحوزة قديما وحديثا.
والغريب بأن الازدواجية ملحوظة وسكوته على بعض الرموز دون بعض مع
أن الكل يفترض أن يكون في مرمى سهام نقده فالكثير زاولوا نشاط العرفان وبمختلف
مسالكه تجدهم في مآمن وسهامه .إذ تراه مشنعا على أطراف معينة فتراه متخذ الصمت
مسلكا على أطراف أخرى!
والمفروض أن الكل في سلة واحدة والأمثال فيما يجوز وما لا يجوز
واحد...
وكيف كان: اغلب الإشكالاته المثارة فهي لا تعدو كونها منهجية أو
تنظيمية حوزوية متعلقة بالآلية البحثية او بالطلبة أو العلماء وسلوكياتهم. ولا
ثالث.
ومهما يكن: لكل شيء ثمرة - غزية أو عسرية –
فقد حكي في الدرس الفلسفي أن الفخر الرازي له فضل على الفلسفة مع
إنه كان ضد الفلسفة!
نعم: بسبب الفخر الرازي وإشكالاته تحركت العجلة الفلسفية وأنصارها
للرد بدل حالة الاسترخاء والجمود والسكون والكسل والتكاسل!
الجرة التي كسرت براس الطوسي!
يبدو لي بأن أكثر ما يمكن أن تسمع من الشيخ الغزي وعامة مؤيديه هي
دعوى شافعية شيعة المراجع!
وهذه الدعوى لم تقتصر على الشيخ الغزي فحسب بل تورط بها - نزيل
مدينة الضباب الخاقاني - عندما ارجع الشيخ الطوسي ببداياته إلى المذهب الشافعي كما
في أحد مقالاته القديمة،
وعلى ضوء كبرى شافعية الطوسي وراءاه الفقهية والتفسيرية والعقيدية
فيكون كل من جاء بعد الشيخ الطوسي شوافع وأن تمذهبوا ومذهب الإمامية!
والآن تعالوا معي للوقوف على مدى صدق هذه الدعوى التي أخذت
بالانتشار كانتشار النار في الهشيم...
أول من ارجع الشيخ الطوسي للشافعية هو - السبكي - في ترجمته لشيخ
الطائفة أبو جعفر الطوسي. وبعد أن نسب - تاج الدين السبكي - هذه الدعوى لشيخ
الطائفة كما نص في - طبقات الشافعية - ما حاصلة: أبو جعفر الطوسي فقيه الشيعة
ومصنفهم كان ينتسب إلى مذهب الشافعي.. ورد إلى بغداد، وتفقه على مذهب الشافعي،
وتعلم الكلام والأصول عند أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بالمفيد.
فقيه الإمامية...
وجاء بعد - السبكي - السيوطي كما في - طبقات المفسرين - وسار على
هذا الأنتساب - الشبلي - في كتابه - كشف الظنون –
والكل أعتمد على ما ذكره - السبكي - مع أن - تاج الدين السبكي - لم
يقدم أي دليل وهذه النسبة سوى قوله - كان ينتسب –
وكيف كان: لو كان لبان كما يعبرون. خاصة ومن هو بحجم شيخ الطائفة
الطوسي فهذا ابن قبة بل والعياشي ترجم لهم الأكابر بترجمات ومنها كانوا على غير
مذهبنا وانتقلوا إليه بلا نكير... ومع ذلك فشافعية البدايات تضبط وقواعدية
النهايات... والى الله تصير الأمور....
حشوية الدعوة الشيخ وأنصاره!
أن أخطر مجازفة على سلوكيات الأفراد هي مجازفة البحث والتنقيب
التراثي للبناءات العقدية على طريقة المناهج الحشوية!
نعم: سارت بعض الأجنحة الشيعية قديما واتخاذ هذا المسلك الملغوم
بكبرى الكوارث النصوصية - غثها وسمينها - لتقديم رؤية معنونة بغطاء الثقافة
الشيعية الأصيلة!
كيف وهذا الدعوى مصحوبة ببناءات فكرية وجذور المدرسة الحجتية
المسبقة والواقع الشيعي!
لا شك بأننا أمام غلاة همهم فرض العقيدة بكل ما اوتوا من قوة ولا
يلجم هذا المد غير الضبط القواعدي والمناهج الأصولية المقررة في الحوازات
العلمية...
لكل مجتهد نصيب الشيخ الغزي أنموذجا !
من أجل إتمام الحجة وإبراء الذمة أمام الله. وسيرا على نهج الهدى
متمثلا بالقرآن الكريم وبمحمد وآل محمد (ص) وما افهمه قدمت هذه النقودات المقتضبة
بدون الدخول لتفصيلات المدعيات الكثيرة والتي تحتاج إلى جهد ووقت وكلا الأمرين
مفقود للأسف.
أقول: إتماما للسير العلمي اختم بهذه المقالة فتكون عندنا عشرة
كاملة:
هل يمكن أن ندعي بأن ما ذهب إليه الشيخ الغزي رأيه ولا مناص
وتعامله معاملة المجتهد وكون كلامه حجة في قبال أي مجتهد آخر أم لا؟
ويجاب: قرر في محله أن العلم الوجداني والعادي حجة شرعا.
إلا أن هذه الحجية مشروطة بضرورة كونها من مناشىء عقلائية - بحثا
درسا تواترا آثارا شهادة تقريضا - لتكون من المسلمات عند الآخر. وإلا فالثبوت مع
عدم الإثبات لا قيمة له في سوق التحصيل... ولا تعويل على مثل هذه الأمور بالإلهامات....
والى الله تصير الأمور....انتهى.
من عبد النبي إلى الغزي التطرف ينهض من جديد! (2)
0 تعليقات