آخر الأخبار

الإيضاحات المفاهيمية للحقائق القرآنية






الإيضاحات المفاهيمية للحقائق القرآنية



علي الأصولي

ليس بين الله تعالى وبين خلقه صلة قرابة، فلا محاباة ولا محسوبيات ولا واسطات ولا التعامل وفق طريقة رعاية الموازنات، فالحق حق ، شاء من شاء وأبى من أبى...

وأكرمكم عند الله اتقاكم، هذا هو الأصل الأصيل، وعليه مدار القرب والبعد، بصرف النظر عن الفرد عبدا حبشيا أو سيدا قرشيا،
ما ينبغي، إيضاحه في هذه الأسطر بعد الفراغ من القول أن الناس ترجع لرجال الدين وتأخذ أحكامه منهم، وهذا الرجوع  غالبه بلا تفحص وأن كان فهو منقوص، وسواء كان الفرد يأخذ دينه من زيد أو عمر،


إلا أنه ينبغي فهم مسألة في غاية الأهمية كيف لا والتوصيات ناصة على ضرورة ( ولينظر الإنسان إلى طعامه ) فكما يجب التحري عن الطبيب بلحاظ الفهم والخبرة مع الإخلاص كذلك يجب التحري عن رجل الدين بغض النظر عن موقعه وعنوانه ،

التحري عن الفقاهة والكفاءة مع الإخلاص، وغيرها من المفردات ذات الصلة،

وقبل التحري دعونا نطوف قرآنيا وما يمكن استفادته وهذا التحري، فالحق تعالى لم يترك غاربها على شارقها في طبيعة هذه المسألة الهامة،

لو كنا نحن والبحث القرآني لوجدنا بوضوح أن القرآن الكريم  قد وصف رجال الدين بتوصيفات غريبة عجيبة، وهي بالتالي توصيفات ذات بعد قصدي وليس للاعتباط فيها مسرح،

رجلُ الدين حسب المفاهيم القرآنية ثلاثة أنواع:

النوع الأول: رجل الدين الإنسان.

النوع الثاني: رجل الدين الحمار.

النوع الثالث: رجل الدين الكلب.

رجل الدين الإنسان: تُشيرُ إليه سُورة الجُمعة، {هُو الذي بعث في الأُميّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياتهِ ويُزكّيهم ويُعلّمهم الكتابَ والحِكمة وإنْ كانوا مِن قبل لفي ضلالٍ مُبين}
والملاحظ، يزكيهم - التزكية - أخلاقية نفسية تهذيبية ويعلمهم - قيد الكتاب والحكمة -  فلا علم نافع بلا أخلاق وتزكية، ولا تزكية عن ( بعد ) من وراء الجدر أو المنصات الإلكترونية أو الحدود إلا للضرورة،

وإلا فالأصل بالتزكية والتعليم هو القرب الجسدي الفيزيائي، الهدف الرئيس لرجل الدين الحقيقي هو ( يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة )

وخلاف الإنسان ورجل الدين الحقيقي هو الحمار فهو لا يفهم هذه الأهداف ولا الخطط التي ممكن تطبيقها والسير نحو الأهداف النبيلة،

المشكلة أن الفاهم إما أن تجده معزولا أو منعزلا من الواقع الحياتي فهو على الهامش بينما هناك حمير في الوجهة وفي متن الواقع الشيعي، الذي نَجدهُ في مَتن الحياة في الواقع الشيعي، هو رجل الدين الحمار: وقد أشارت  إليه نفس سُورة الجُمعة،{مَثَلُ الذين حُمّلوا التوراة ثُمَّ لم يَحملوها كَمَثَلِ الحمارِ يَحملُ أسفاراً بئسَ مَثَلُ القومِ الّذين كذّبُوا بآياتِ اللهِ واللهُ لا يهدي القوم الظالمين}

الآية قالتْ: {كَمَثَلِ الحمارِ} ولم تقلْ: {كمِثْل الحمار} لأنَّ الحمار أفضلُ مِن هؤلاء..

مِثلما قال رسولُ اللهِ لكعب بن الأشرف في تفسير القمي (يا كعب بن الأشرف، حمارك خير منك ..) وفي نسخة البحار - بحار الأنوار ( حمارك أعقل منك) وكعب هذا كبير أشراف اليهود ووجههم الثقافي الأدبي،

فكما تجد الحمار يحمل أسفارا بلا فهم فإنك سوف تجد بعض رجال الدين لديهم حضور درسي ومكتبات وربما مؤلف بعض الكتب وأجواء مريحة ولكنه حمار لا يفهم !

ورجل الدين الكلب: فتُحدثت عنه آية ( 75) مِن سُورة الأعراف، {واتلُ عليهم نبأ الّذي آتيناهُ آياتنا فانسلخَ منها فأتبعهُ الشيطانُ فكانَ مِن الغاوين* ولو شِئنا لَرفعناهُ بها ولكنّهُ أخلدَ إلى الأرض واتّبع هواهُ فمَثَلُهُ كمَثَل الكلب إنْ تحملْ عليه يلهث أو تتركهُ يلهث ذلك مثل القوم الّذين كذّبُوا بآياتنا فاقصصْ القصص لَعلّهُم يتفكّرون* ساء مثلًا القومُ الّذين كذّبُوا بآياتنا وأنفسهُم كانُوا يظلمُون}.

الآيات نزلت بحق بلعم فكان مصداقها الأول، الذي كان ذا حظ عظيم من العلم ولكن بالنتيجة انسلخ بعد المعرفة والعلم فضيع نفسه وضيع من اتبعه،  في الواقع الديني هذا الصنف من رجال الدين موجود،

فبعد العلم والقطع الإنكار والجحود، الكلام ليس متصبا حول التحولات الدليلية، بل التحولات الإيمانية مع قوة الدليل وصموده لكن لربما ردة فعل أو أزمة نفسية أرجعت بعض الأفراد إلى الوراء،  الغريب بأنه ينسلخ ويخرج من دائرة الانتماء الديني أو المذهبي لكنك تجده يطل برأسه عليك مثله كمثل الكلب ان تركته تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث !

والشلغماني دونك خير شاهد في المقام صاحب الكلمة الشهيرة ونزاع الزعامات والمناصب (لقد كنّا نتهارش على هذا الأمر - أيّ على الرئاسة النيابية الدينيّة والمرجعيّة - كما تتهارش الكلاب على الجيف..)!

إذن {إنْ تحملْ عليه} أي إن تُشدّد عليه، إن تهجم عليه، أن تُتعبه يلهث.. أو تتركهُ مُرتاحاً يلهث.

وجهُ المُماثلة هُنا : أنَّ رجل الدين الكلب هو في كُلّ أحوالهِ يُريد الدُنيا، يُريد هذا المنصب ولا يُريد شيئاً غيره.. إنْ كان يُظهِرُ التديّن، أو كان يتحدّثُ بحديثٍ علمي، أو كان يعِظُ الناسَ فإنَّ حقيقتَهُ هُو كلبٌ لاهث.. مِثلما الكلبُ دائماً في حالةِ لُهاثٍ.. فرجلُ الدين الكلب أيضاً هُو في حالةِ لُهاثٍ مُستمرٍّ كي يصِلَ إلى المنصب.. والذين يعيشون قريباً مِن الدوائر هذا الكلام، عنهم ليس بالغريب، بتصريف

إرسال تعليق

0 تعليقات